صحة

عالمة فيروسات تعالج نفسها ذاتيًا من سرطان الثدي باستخدام علاج مبتكر

في خطوة مثيرة للجدل، قامت بياتا هالاسي، عالمة الفيروسات من جامعة زغرب في كرواتيا، بعلاج نفسها ذاتيًا من تكرار الإصابة بسرطان الثدي، باستخدام نهج غير معتمد يعرف بـ”العلاج الفيروسي الورمي” (Oncolytic Virotherapy). أثارت هذه الخطوة تساؤلات أخلاقية واسعة، وفقًا لما نشرته مجلة Nature.

نبذة عن التجربة

تشغل هالاسي منصب رئيسة وحدة الأبحاث في مركز التكنولوجيا الحيوية بجامعة زغرب، وقررت أن تستخدم جسدها كموضوع تجريبي للعلاج. اعتمدت على مزيج من الفيروسات التي قامت بتحضيرها في مختبرها لعلاج الورم السرطاني.

نشرت نتائج تجربتها في مجلة Vaccines في أغسطس/آب الماضي، تحت إشراف فريق طبي في المستشفى الجامعي. وأشارت إليها مجلة Nature، كما تناولها موقع Le Temps الفرنسي.

رحلة العلاج

تم تشخيص إصابة هالاسي بسرطان الثدي في مرحلته الثالثة عام 2016. خضعت لجراحة استئصال الثدي، تلتها جلسات علاج كيميائي. ورغم إزالة الورم، بقيت كتلة صغيرة أقل من سنتيمتر واحد تحت المراقبة.
في عام 2018، عادت الكتلة السرطانية، وتم استئصالها جراحيًا، لكن في 2020 تعرضت لانتكاسة أخرى، حيث تحولت الكتلة إلى ورم تحت الجلد. عندها، قررت هالاسي التخلي عن العلاج الكيميائي واللجوء إلى العلاج الفيروسي الورمي لتجنب الآثار الجانبية المؤلمة.

آلية العلاج الفيروسي الورمي

يقوم هذا العلاج على حقن فيروسات قادرة على استهداف الخلايا السرطانية وتدميرها دون المساس بالخلايا السليمة. عند تدمير الخلايا السرطانية، يطلق الفيروس المزيد من الجزيئات الفيروسية والحطام الخلوي، مما يحفز جهاز المناعة لمحاربة الورم والفيروس.
سبق أن أثبتت دراسات أن هذا النهج يمكن أن يقلل من حجم الأورام، لكن حتى الآن لم يحصل العلاج الفيروسي على ترخيص لعلاج سرطان الثدي في أي مكان بالعالم.

تفاصيل التجربة الذاتية

اعتمدت هالاسي على فيروسين مخففين: فيروس الحصبة، المستخدم في لقاحات الأطفال، وفيروس التهاب الفم الحويصلي، الذي يسبب أعراضًا خفيفة مشابهة للإنفلونزا. قام أحد زملائها بحقنها بمستحضرات الفيروس على مدى شهرين، لتجنب تطوير مناعة مضادة للفيروس تقلل من فاعلية العلاج.

نتائج التجربة

بعد متابعة دقيقة وتحليل عينات الورم، أظهرت النتائج استجابة مناعية واضحة تجاه العلاج الفيروسي. خضعت هالاسي بعد ذلك لجراحة، وتلقت علاجًا بدواء “تراستوزوماب” المضاد للسرطان لمدة عام. وهي الآن خالية من السرطان منذ أربع سنوات.

التحديات الأخلاقية

واجهت الدراسة صعوبة في النشر العلمي، حيث رفضت أكثر من 12 مجلة بسبب المخاوف الأخلاقية المتعلقة بتجربة الباحثة على نفسها. في النهاية، تم قبولها في مجلة Vaccines.

عن سرطان الثدي

سرطان الثدي هو الأكثر شيوعًا بين النساء في العالم، حيث تُسجل نحو 1.38 مليون إصابة جديدة و458 ألف حالة وفاة سنويًا، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية. الكشف المبكر يُعد الطريقة الأمثل لتحسين فرص الشفاء وتقليل الوفيات، خاصة في الدول النامية التي تعاني من نقص الوعي الصحي والإمكانات الطبية.

ملاحظة: تعد تجربة هالاسي خطوة جريئة في عالم الطب، لكنها تسلط الضوء على الحاجة إلى تحقيق توازن بين الابتكار واحترام القواعد الأخلاقية في البحث العلمي.

زر الذهاب إلى الأعلى