سبعة دول وصهيونية واحدة: كيف دعمت الإمبريالية الغربية «إسرائيل» عبر التاريخ وحتى اليوم؟

منذ لحظة زرع الكيان الصهيوني في خاصرة الأمة العربية والإسلامية، تكالبت عليه قوى غربية كبرى لضمان بقائه وتوسعه، بل وتحويله إلى قاعدة متقدمة للإمبريالية في قلب الشرق الأوسط. هذه الحقيقة الثابتة تتجلى بوضوح عند قراءة الأدوار التي لعبتها دول مثل فرنسا، بريطانيا، الولايات المتحدة، كندا، إيطاليا، اليابان، وحتى الأنظمة الغربية المتحالفة معها.
تحييد الخليج… وتمويل الاحتلال
لم تكن الحماية العسكرية وحدها كافية؛ فالغرب عمل مبكرًا على تحييد دول الخليج الغنية بالنفط، وصناعة تحالفات مع العائلات الحاكمة لضمان ضخ الأموال إلى المصارف الغربية وتسويق صفقات التسلح التي ينفق معظمها لحماية العروش لا الأوطان. هذه الأموال غالبًا ما وجدت طريقها – بشكل مباشر أو غير مباشر – لخدمة الآلة العسكرية الغربية التي تحمي «إسرائيل» وتزودها بأحدث ما جادت به التكنولوجيا العسكرية الأمريكية والأوروبية.
من سايكس بيكو إلى يومنا هذا
بعد الحرب العالمية الأولى، قسمت بريطانيا وفرنسا تركة الرجل المريض وفق اتفاقية سايكس بيكو الشهيرة، فزرعت بذور التفكيك والانقسامات القبلية والطائفية. هذه البذور سُقيت لعقود لتصبح أداة فعالة في إضعاف أية محاولة للوحدة أو التحرر، وضمان بقاء الكيان الصهيوني القوة العسكرية والتكنولوجية الوحيدة المهيمنة في الإقليم.
دور فرنسا وبريطانيا: حماية مبكرة وتكريس التبعية
كان لفرنسا دور أساسي في تمكين المشروع الصهيوني عبر تسليح العصابات اليهودية في الأربعينيات، بينما تولت بريطانيا مهمة «الرعاية القانونية» بوعد بلفور الشهير الذي منح «وطنًا قوميًا» لمن لا وطن له، في أرض شعب آخر. لم يتوقف دعم باريس ولندن عند التأسيس بل استمر عبر شركات السلاح وصفقات التطوير النووي والعسكري.
الولايات المتحدة: الداعم اللامشروط
أخذت الولايات المتحدة المشعل بعد الحرب العالمية الثانية، وأصبحت هي الراعي الأكبر للكيان الصهيوني، سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا. فتحت خزائن دافعي الضرائب الأمريكيين بلا حدود، ووفرت التغطية الدبلوماسية في مجلس الأمن، وجعلت من الأراضي الخليجية قواعد متقدمة لأساطيلها لحماية نفطها وفرض إرادتها.
كندا وإيطاليا واليابان: أدوار صامتة لكنها فعالة
قد يُغفل الكثيرون الأدوار «الناعمة» لكندا وإيطاليا واليابان. هذه الدول ساهمت في دعم الكيان عبر الاعتراف الدائم بشرعيته وتطبيع العلاقات، وتوفير غطاء سياسي في المحافل الدولية. كما لعبت شركاتها العملاقة أدوارًا في تمويل مشاريع مشتركة في مجالات التكنولوجيا والبحث العلمي، بما يخدم الرفاه الصهيوني على حساب حقوق الفلسطينيين.
الصبر الإيراني والاختبار الجديد
اليوم، وبعدما دمرت الحرب سوريا، واستهدفت قيادات حزب الله في لبنان، كان يُظن أن إيران ستتراجع أو تلين أمام الضغط الغربي – الصهيوني، لكن الوقائع الأخيرة تثبت أن طهران لا تزال تحتفظ بأدوات ردع قادرة على إرباك المشروع الأمريكي في المنطقة.
باكستان والصين وكوريا وتركيا: إلى أين؟
في المقابل، تظل باكستان، والصين، وحتى كوريا الشمالية، تحتفظ بقدر من الهوية الحضارية والسيادة الوطنية، وقد تدفعهم التهديدات المستمرة إلى الوقوف بجانب إيران أو على الأقل كبح اندفاعة واشنطن وتل أبيب. تركيا هي الأخرى تظل لاعبًا مركبًا؛ فهي مقسمة جيوسياسيًا بين أطماع أوروبية وحنين عثماني، وقد تجد نفسها مضطرة للانحياز إلى أحد الطرفين إذا انفلت الوضع الإقليمي أكثر.
روسيا: هل تنهي لعبة التوازن؟
تبقى روسيا في موقع مراقب وموازن بين الغرب وإيران، لكن تصاعد الاشتباك قد يجبر موسكو على تجاوز سياسة المواقف المزدوجة التي ورثتها عن حقبة ما بعد التفكك السوفيتي، وتحديد خيارها بوضوح لحماية مصالحها في سوريا والبحر الأسود والشرق الأوسط عمومًا.
خاتمة: صراع حضاري أم معركة موارد؟
إن اشتعال هذه الجبهة اليوم يعيد للأذهان حقيقة الصراع التاريخي بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط: شمال استعماري طامع وجنوب مفكك يسعى للملمة شتاته. لكن إرادة الشعوب قد تفاجئ الجميع كما تفاجأ الغرب بمقاومة إيران وصمود المقاومة اللبنانية والفلسطينية. ويبقى السؤال: إلى متى يستطيع هذا «التحالف السباعي» تحييد إرادة شعوب الجنوب؟
حمادي سيدي محمد آباتي