رياضة

رحلة كريغ بيلامي.. من بريق الشهرة إلى الإفلاس ثم العودة من جديد

تبدو حياة نجوم كرة القدم في ظاهرها مزيجًا من الرفاهية والأضواء، غير أن الواقع يخفي خلف تلك الصورة البراقة مسارات قاسية، وقرارات خاطئة، وانهيارات مفاجئة قد تطيح بما بُني خلال سنوات طويلة. قصة النجم الويلزي كريغ بيلامي تُعد مثالًا صارخًا لهذا التحوّل الصادم بين المجد والانهيار.

فبيلامي، الذي أشعل المدرجات بسرعته وروحه القتالية وشخصيته الكروية الصلبة، دافع عن ألوان أندية كبرى مثل ليفربول ومانشستر سيتي ونيوكاسل، ونجح في بناء مسيرة يحلم بها أي لاعب محترف. ومع ذلك، وبعد أكثر من عشرين عامًا في الملاعب، وجد نفسه بلا مال، وبلا استقرار، وبلا أي من المكاسب التي جمعها عبر مسيرته اللامعة.

من القمة إلى السقوط

بدأ بيلامي بزوغ نجمه في نورويتش سيتي، قبل أن يسطع بقوة في نيوكاسل يونايتد، حيث شارك في دوري أبطال أوروبا وأظهر قدرات هجومية جعلته أحد أكثر المهاجمين إثارة في إنجلترا. لكن طبيعته الحادة ومزاجه العصبي خلّفا وراءهما سلسلة من الخلافات والمشاكل داخل وخارج الملاعب، أبرزها مشاجرته الشهيرة مع زميله في ليفربول جون آرني ريس.

ورغم الضغوط، واصل بيلامي تقديم مستويات مبهرة متنقلاً بين كبار أندية البريميرليغ، لينهي رحلته كلاعب محترف في كارديف سيتي عام 2014، بعد مسيرة قاربت عقدين من الزمن. أما دوليًا، فقد مثّل منتخب ويلز في 78 مباراة سجل خلالها أهدافًا مؤثرة، وكان أحد القادة البارزين لجيله، كما شارك في أولمبياد لندن 2012 مع منتخب بريطانيا العظمى، في محطة اعتُبرت إنجازًا بارزًا في مسيرته.

إفلاس غير متوقع

في مقابلة صريحة مع صحيفة “ديلي ميل” عام 2023، كشف بيلامي تفاصيل انهياره المالي، مؤكدًا أن سبب خسارته لم يكن القمار أو الإدمان، بل الثقة العمياء بأشخاص أسند إليهم إدارة أمواله. فقد اكتشف لاحقًا أن توقيعاته زُوّرت، وأن أمواله استُثمرت في مشاريع خاسرة، ما أدى إلى تراكم ديون ضخمة عليه.

وقال بيلامي بمرارة: “بعد كل الأموال التي جمعتها طوال مسيرتي، لا أستطيع حتى الحصول على رهن عقاري. لا أملك شيئًا.. كل شيء ضاع”. وأضاف أن إعلان إفلاسه كان “راحة مؤلمة”، لأنه أنهى سنوات من الملاحقات والمشكلات الناتجة عن أخطاء مستشاريه الماليين، رغم أنه لم يكن متهربًا من الضرائب.

ووجّه رسالة صريحة للجيل الجديد من اللاعبين قائلاً: “تحققوا من كل شيء بأنفسكم، ولا تمنحوا الثقة بسهولة. اختاروا مستشارين موثوقين، واطلبوا دائمًا رأيًا ثانيًا. الاعتماد الكامل على النادي في إدارة كل شيء كان خطأ فادحًا ارتكبناه كجيل”.

العودة عبر بوابة التدريب

ورغم الانهيار المالي والابتعاد عن الأضواء، لم يستسلم بيلامي. فبفضل دعوة من زميله السابق في مانشستر سيتي فينسنت كومباني، التحق بالجهاز الفني في أندرلخت البلجيكي، ثم واصل معه العمل في بيرنلي، حيث لعب دورًا مهمًا في صعود الفريق إلى الدوري الإنجليزي الممتاز.

وفي يوليو/تموز 2024، جاءت اللحظة التي أعادت ترتيب كل شيء في حياة بيلامي؛ إذ تم تعيينه مدربًا لمنتخب ويلز الوطني، وهو المنصب الذي وصفه بأنه “ذروة أحلامه” و”الوظيفة الأهم” في مشواره. لم تكن تلك الخطوة نجاحًا مهنيًا فحسب، بل كانت انتصارًا إنسانيًا لرجل خاض كل أشكال الصعود والسقوط، قبل أن يجد لنفسه طريقًا جديدًا نحو المجد.

زر الذهاب إلى الأعلى