صحة

دراسة تكشف دور طفرة جينية شائعة في تسريع الشيخوخة وتطور أمراض الدم

كشفت دراسة علمية حديثة عن أن إحدى الطفرات الجينية الأكثر ارتباطًا بالتقدم في العمر تتسبب في زيادة نشاط الميتوكوندريا، ما يؤدي إلى تسارع في انقسام خلايا الدم الجذعية الحاملة لهذه الطفرة، وبالتالي يعزز احتمال الإصابة بأمراض دموية خطيرة.

وأجريت الدراسة من قبل باحثين في مختبر “جاكسون – بير هاربور” بولاية ماين الأميركية (The Jackson Laboratory)، ونُشرت نتائجها في 16 أبريل/نيسان 2025 في دورية نيتشر كوميونيكيشنز (Nature Communications)، كما أوردها موقع يورك أليرت.

شيخوخة الخلايا الجذعية

مع تقدم العمر، تصبح الخلايا الجذعية المكوِّنة للدم – والتي تُعد المصدر الأساسي لتجديد خلايا الجسم – أكثر عرضة لتراكم الطفرات الجينية. بعض هذه الطفرات يمنح الخلايا المصابة ميزة نمو أسرع من نظيراتها السليمة، ما يزيد من احتمالات تطور أمراض مرتبطة بالشيخوخة.

وبحسب الدراسة، فإن طفرة في جين يُعرف باسم Dnmt3a، أحد الجينات المرتبطة بعمليات الشيخوخة، تؤدي إلى زيادة غير طبيعية في نشاط الميتوكوندريا، ما يعزز سرعة انقسام الخلايا الحاملة لهذه الطفرة مقارنة بالخلايا الطبيعية.

الطفرة وآلية تطور الأمراض

تمنح هذه الطفرة الخلايا القدرة على الانقسام والتكاثر بشكل يفوق المعدلات الطبيعية، مما يهيئ الظروف لحدوث ما يُعرف بـ”الاستنساخ الدموي” (Clonal hematopoiesis)، وهي حالة يزيد فيها عدد الخلايا الدموية المنحدرة من خلية جذعية واحدة حاملة للطفرة. يُعد هذا الاضطراب أحد عوامل الخطر الرئيسة للإصابة بأمراض القلب، وسرطانات الدم، وغيرها من الأمراض المزمنة المرتبطة بتقدم العمر.

وتُنتج هذه الخلايا المستنسخة جينيًا جزيئات تسبب التهابات مزمنة في الجسم، تؤثر بدورها في كفاءة الجهاز المناعي وتوازن عملية تصنيع خلايا الدم.

نموذج حيواني للعلاج

من أجل فهم الآلية التي تكسب الخلايا المصابة بهذه الطفرة سرعة في النمو، طوّر الباحثون نموذجًا لفأر معدل وراثيًا يحمل طفرة في جين Dnmt3a. أظهرت النتائج أن الخلايا الجذعية المصابة في الفئران متوسطة العمر كانت تولّد طاقة تعادل ضعف ما تنتجه الخلايا السليمة، وهو ما يؤكد دور الميتوكوندريا في هذه الظاهرة.

وتمكنت الأدوية التي تستهدف نشاط الميتوكوندريا من تقليل هذه الظاهرة لدى الفئران، مما يفتح آفاقًا علاجية جديدة. لكن على عكس الفئران، لا يحتاج الإنسان إلى محفز خارجي لتطور هذه الطفرة، إذ إنها تحدث تلقائيًا في خلايا الدم الجذعية مع التقدم في العمر.

فرص علاجية واعدة

أشارت نتائج الدراسة إلى أن هذه الطفرة الجينية قد تكون قابلة للعلاج عبر استهداف الميتوكوندريا، وهو ما قد يُسهم في الوقاية من تطور سرطان الدم والأمراض الأخرى المرتبطة بالاستنساخ الدموي. ومع أن هذه الإستراتيجية ما تزال في مراحلها الأولى، فإنها تفتح باب الأمل لتطوير علاجات مخصصة للأشخاص المعرضين لهذا النوع من الطفرات المرتبطة بالشيخوخة.

زر الذهاب إلى الأعلى