دراسة تحذّر: الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي يضعف مهارات الأطباء في الكشف المبكر عن السرطان

كشفت دراسة حديثة أن الاعتماد المتكرر على تقنيات الذكاء الاصطناعي قد يضعف من مهارات العاملين في مجال الرعاية الصحية. وأثار هذا الاكتشاف قلقًا لدى أكاديميين، في ظل الانتشار المتسارع لهذه التكنولوجيا داخل القطاع الطبي.
الدراسة أجراها باحثون من قسم أمراض الجهاز الهضمي بكلية الطب في أكاديمية سيليزيا ببولندا، ونشرت في مجلة لانسيت لأمراض الجهاز الهضمي والكبد بتاريخ 11 أغسطس/آب، كما تناولتها صحيفة الإندبندنت. وركزت على العاملين الذين يجرون فحوصات للكشف المبكر عن سرطان القولون باستخدام تنظير القولون، وهو إجراء يُمكّن الأطباء من اكتشاف وإزالة السلائل، وهي أورام حميدة يمكن أن تتحول لاحقًا إلى أورام سرطانية.
بفضل التطور في تقنيات الذكاء الاصطناعي، جرى تطوير أنظمة مساعدة للكشف عن السلائل أثبتت قدرتها على رفع معدلات الاكتشاف. غير أن الباحثين أرادوا اختبار ما إذا كان الاعتماد المستمر على هذه الأنظمة يقلل من كفاءة الأطباء عند قيامهم بالتنظير من دون مساعدة الذكاء الاصطناعي.
حلل الفريق البحثي 1442 عملية تنظير للقولون أجراها أطباء متخصصون قبل وبعد إدخال هذه الأنظمة في بعض المراكز الطبية منذ عام 2021. وأظهرت النتائج أن معدل اكتشاف السلائل تراجع بنسبة 6% عند إجراء التنظير التقليدي غير المدعوم بالذكاء الاصطناعي.
الدكتور مارسين رومانتشيك، أحد مؤلفي الدراسة من أكاديمية سيليزيا، صرح بأن هذه النتائج تمثل – وفق معرفتهم – أول دليل على تأثير سلبي للاستخدام المستمر للذكاء الاصطناعي على أداء الأطباء في مهمة سريرية مرتبطة مباشرة بالمريض. وأضاف أن الأمر يثير القلق، خاصة مع التوسع الكبير في تبني هذه التقنيات في الطب، مؤكدًا الحاجة الملحة لمزيد من الأبحاث حول انعكاساتها على مهارات العاملين الصحيين.
وأشار الباحثون إلى ضرورة فهم العوامل التي قد تؤدي إلى خلل في التفاعل بين الأطباء والأنظمة الذكية، والعمل على تطوير أساليب لتحسين هذا التعاون.
وفي مقالة افتتاحية مرتبطة بالدراسة، كتب الدكتور عمر أحمد، استشاري أمراض الجهاز الهضمي وزميل الأبحاث السريرية في كلية لندن الجامعية، أن هذه النتائج تقلل من الحماسة الجارية للتوسع السريع في اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتبرز أهمية دراسة الآثار السريرية غير المقصودة بدقة. واعتبر أن ما توصلت إليه الدراسة يمثل أول دليل واقعي على ظاهرة تراجع المهارات، وهو ما قد ينعكس على جودة الرعاية المقدمة للمرضى.