حملات تضليل رقمية تستهدف المسلمين في فرنسا عبر فبركة فيديوهات حوادث

تداولت حسابات على منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة مقاطع فيديو تزعم تورط مسلمين في حادثتين منفصلتين استهدفتا منشآت دينية مسيحية بفرنسا، ما أثار موجة واسعة من التحريض والكراهية ضد المسلمين.
وقد انتشرت هذه المقاطع بسرعة بين حسابات يمينية متطرفة، في مشهد يعكس التأثير الكبير الذي تمارسه تلك الحسابات في تغذية العداء للإسلام عبر الفضاء الرقمي.
حريق كنيسة “الحبل بلا دنس”
أحد أبرز المقاطع نشره حساب “فراز برويز” على منصة “إكس”، مدعياً أن مسلمين يقفون وراء حريق كنيسة “الحبل بلا دنس” بمدينة سانت أومير الفرنسية، مستخدماً عبارات تحريضية مثل: “احموا كنائسكم من الجهاديين”. الفيديو حصد أكثر من مليون مشاهدة وتفاعلات تدعو إلى استهداف المسلمين ومنشآتهم الدينية.
كما زعمت فاطمة خان، التي تقدم نفسها كصحفية مقيمة في نيويورك، أن الحادثة جزء من سلسلة هجمات ضد المسيحيين في أوروبا، فيما كتب ديفيد ياشوع أن “مهاجرين غير شرعيين” نفذوا الاعتداء، معتبراً أنه دليل على أن المسيحية تواجه هجوماً في فرنسا.
الحقيقة:
أظهر بحث عكسي أجراه فريق “تحقق الجزيرة” أن الحريق وقع في 2 سبتمبر/أيلول 2024 داخل الكنيسة ذاتها، لكن لا علاقة له بالمسلمين. التحقيقات الرسمية بيّنت أن منفذ الجريمة رجل فرنسي في التاسعة والثلاثين من عمره، بلا مأوى أو عمل، وله سجل جنائي يضم 26 إدانة سابقة بينها حرق 4 كنائس عام 2021. وقد اعترف بدخوله الكنيسة بغرض السرقة ثم إشعال النار عند مغادرته، ولم يرد أي دليل يربطه بالمسلمين أو بالمهاجرين.
أحداث شغب في نانت
في حادثة أخرى، تداولت حسابات على “إكس” في 9 سبتمبر/أيلول الجاري مقاطع فيديو زعمت أن “جهاديين” هاجموا مكتبة كاثوليكية في مدينة نانت بسبب بيع كتب وتماثيل دينية. وانتشرت هذه الادعاءات سريعاً، محققة ملايين المشاهدات.
الحقيقة:
أظهر التحقق أن المقاطع تعود إلى أحداث شغب واسعة شهدتها نانت في يوليو/تموز 2023 عقب مقتل الفتى نائل مروزوقي برصاص الشرطة، وهي احتجاجات اجتماعية لا علاقة لها بأي هجوم ديني.
خلفية أوسع
تسلّط هذه الادعاءات المضللة الضوء على تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا في فرنسا، حيث تتحول خطابات الكراهية سريعاً إلى ممارسات عدائية قد تصل أحياناً إلى الاعتداء الجسدي أو القتل. ورغم الانتقادات المتكررة، واصلت الحكومات الفرنسية المتعاقبة إصدار تشريعات يُنظر إليها على أنها تستهدف المسلمين على وجه الخصوص، ما يعمّق الشعور بالتهميش ويغذّي خطاب الكراهية.