تقنية كهربائية مبتكرة لتمييز الخلايا المسنة.. خطوة جديدة في أبحاث الشيخوخة والطب التجديدي

ابتكر باحثون من جامعة طوكيو متروبوليتان اليابانية تقنية جديدة تتيح التمييز بدقة بين الخلايا البشرية المسنّة وتلك الشابة، بالاعتماد على الخصائص الكهربائية بدلاً من الوسم الكيميائي المعتاد. وتُعد هذه الطريقة خطوة متقدمة في أبحاث الشيخوخة، كما قد تمهد الطريق لاستخدامات واسعة في فحص الأدوية والطب التجديدي، خاصة في ما يتعلق بتجديد الأنسجة المتضررة.
تشير الدراسات العلمية إلى أن الخلايا الهرمة تلعب دوراً محورياً في تطور العديد من الأمراض المرتبطة بتقدم العمر، مثل تصلب الشرايين، والزهايمر، والسكري من النوع الثاني. لفهم تلك الحالات المرضية، يجب أولاً عزل الخلايا المسنّة عن الخلايا السليمة الشابة، وهو ما كانت تقنيات الوسم الكيميائي تقوم به، لكنها غالباً ما تؤثر في خصائص الخلية وتجعلها غير صالحة للدراسة.
أما التقنية الجديدة، التي نشرت نتائجها في 11 يونيو/حزيران في دورية IEEE Sensors Journal، فتتفادى هذه المشكلات بالكامل، إذ تستند إلى مبدأ التحليل الكهربائي الحركي المعدّل بالتردد (frequency-modulated dielectrophoresis)، وهو أسلوب لا يحتاج إلى وسم الخلية أو استخدام أي مواد قد تغير بنيتها أو سلوكها.
كيف تعمل التقنية؟
تبدأ الشيخوخة على المستوى الخلوي، ومع مرور الزمن تتراكم الخلايا المسنّة في الجسم. لا تفقد هذه الخلايا وظائفها الحيوية فحسب، بل تطلق أيضاً مركبات مسببة للالتهاب تؤثر سلباً على الأنسجة المحيطة. وتُظهر الخلايا الهرمة تغيرات في غشائها الخارجي، لا سيما في ترتيب الجزيئات الدهنية، ما يؤدي إلى تغيّر خصائصها الكهربائية.
استغل الباحثون هذه الخاصية في تقنية فصل غير تدميرية، إذ وضعوا الخلايا داخل مجال كهربائي متناوب غير منتظم. في هذا المجال، تخضع الخلايا لإعادة توزيع طفيف في الشحنات، ما يؤدي إلى تحركها ذهاباً وإياباً بين الأقطاب الكهربائية. لكن الأهم أن كل خلية تستجيب لهذا المجال بطريقة مميزة، وتحديداً عند تردد معين يُعرف بـ”تردد القطع” (cutoff frequency).
من خلال قياس هذا التردد، استطاع الباحثون التمييز بين الخلايا الليفية الجلدية الشابة وتلك المسنّة بدقة عالية، وهو ما يعد مؤشراً واعداً لتوسيع نطاق هذه التقنية مستقبلاً لتشمل أنواعاً أخرى من الخلايا.
أفق طبي واسع
تمنح هذه التقنية العلماء أداة فعالة لدراسة آثار الشيخوخة على المستوى الخلوي دون التسبب في أي ضرر أو تعديل في البنية الجزيئية للخلية. كما أنها تفتح آفاقاً جديدة في تطوير علاجات للشيخوخة ومضاعفاتها، من خلال تمكين الباحثين من اختبار تأثير الأدوية على نوع محدد من الخلايا دون اختلاطها بأنواع أخرى.
في ضوء ذلك، يمكن اعتبار هذه التقنية نقلة نوعية في مجالات الطب التجديدي، وبيولوجيا الشيخوخة، واختبار العقاقير، خاصة في ظل توجه عالمي متزايد نحو تعزيز الصحة في مراحل العمر المتقدمة وتقليل آثار التقدم في السن.