تكنولوجيا

تقنية “عبور الواقع الافتراضي”.. جسر يدمج العالمين الرقمي والواقعي

عندما ظهرت تقنيات الواقع الافتراضي قبل أكثر من عقد، بدت وكأنها قادمة مباشرة من عالم الخيال العلمي، تعدنا بتجارب غامرة وطرق جديدة للتفاعل مع التكنولوجيا. لكن التحدي الأكبر تمثل في العزلة التي تفرضها هذه التقنيات على المستخدم، حيث كان ارتداء نظارة الواقع الافتراضي يعني الانفصال عن العالم الحقيقي بالكامل والدخول في بيئة رقمية مغلقة.

ومن هنا جاءت الحاجة إلى تقنية “عبور الواقع الافتراضي” (VR Passthrough) التي شكلت جسراً بين العالمين الواقعي والافتراضي، لتعيد صياغة العلاقة بين الإنسان والتقنية.

تشير هذه التقنية ببساطة إلى إتاحة رؤية العالم المادي المحيط من خلال نظارة الواقع الافتراضي، وذلك بفضل كاميرات خارجية مدمجة تنقل الصورة مباشرة إلى شاشة النظارة. وفي بدايتها، كان الهدف الأساسي منها ضمان سلامة المستخدم وتجنب الاصطدام بالعوائق. لكن سرعان ما تطورت لتصبح ركيزة في تجارب “الواقع المختلط”، حيث يندمج الواقعان الرقمي والفيزيائي في تجربة واحدة.

تعتمد التقنية على مكونات متقدمة تشمل الكاميرات عالية الدقة، ومستشعرات العمق، وخوارزميات معالجة متطورة، إضافة إلى شاشات العرض التي تدمج الصور الحقيقية مع العناصر الافتراضية بشكل متناسق. وهذا يتيح للمستخدم التفاعل مع بيئته الواقعية أثناء ممارسة أنشطة افتراضية، مثل العمل على لوحة مفاتيح فعلية داخل مكتب رقمي، أو رؤية تعابير وجه الأصدقاء في اجتماعات افتراضية.

وتنعكس أهمية “عبور الواقع الافتراضي” على مجالات متعددة:

  • السلامة والتنقل: تمكّن المستخدم من رؤية العوائق من دون نزع النظارة.
  • العمل والإنتاجية: تسمح بدمج الأدوات الواقعية في بيئة رقمية سلسة، مما يغير طريقة عمل الفرق عن بُعد.
  • الترفيه والتواصل الاجتماعي: تقدم تجارب جديدة مثل مشاهدة الأفلام مع الأصدقاء في بيئة افتراضية أو التفاعل مع عناصر واقعية أثناء اللعب.

وقد دعمت شركات كبرى مثل “ميتا” و”آبل” هذه التقنية في أجهزتها الحديثة، مثل Meta Quest Pro وApple Vision Pro، التي تتميز بجودة عرض فائقة، ودقة تتبع العينين واليدين، ما يجعل التجربة أكثر واقعية.

ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات قائمة، أبرزها التكلفة المرتفعة، استهلاك البطارية، ومخاوف الخصوصية المرتبطة بالكاميرات وأجهزة التتبع. لكن الخبراء يتوقعون أن التطور المستمر في الذكاء الاصطناعي والمعالجات سيجعل التقنية أكثر انتشاراً، وقد تصبح النظارات الذكية بديلاً للهاتف الذكي مستقبلاً.

في المحصلة، تمثل تقنية “عبور الواقع الافتراضي” نقلة نوعية تعيد صياغة الحدود بين العالمين الواقعي والافتراضي، لتفتح الباب أمام مستقبل تتداخل فيه التجارب الرقمية مع حياتنا اليومية بشكل متكامل.

زر الذهاب إلى الأعلى