تكنولوجيا

تقرير استقصائي يكشف عن أكثر من 4000 موقع إخباري كاذب مُولّد بالذكاء الاصطناعي يتلاعب بخوارزميات جوجل لتحقيق إيرادات من الإعلانات

كشف الصحفي الاستقصائي الفرنسي جان مارك ماناش عن وجود أكثر من 4000 موقع إخباري زائف، مُصمم باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي. تهدف هذه المواقع إلى التلاعب بخوارزميات بحث جوجل، وخاصةً جوجل ديسكوفر، لتحقيق عائدات إعلانية ضخمة.

وفقًا لماناش، تنتشر هذه المواقع على نطاق واسع في جميع أنحاء فرنسا، وتشمل أكثر من 100 موقع إلكتروني باللغة الإنجليزية. يتكون محتواها إما من مقالات مسروقة من مصادر أخرى أو قصص ملفقة بالكامل. ويقف وراء هذه العمليات خبراء في تحسين محركات البحث (SEO) يسعون إلى الربح من خلال مخططات الروابط الخلفية والظهور على Google Discover، وهي خدمة إخبارية مصممة خصيصًا لمستخدمي تطبيقات Google على أجهزة Android.

بدأ ماناش تحقيقه في أوائل عام ٢٠٢٤ بعد أن لاحظ زيادةً في عدد المواقع الإلكترونية غير المألوفة. بالتعاون مع طلابه في الصحافة، حدد ٢٥٠ موقعًا بحلول أكتوبر، ثم وسّع نطاق التحقيق مع صحيفة ليبيراسيون الفرنسية ، ليكشف في النهاية عن أكثر من ٤٠٠٠ موقع من هذا النوع. يعتقد ماناش أن اثنين على الأقل من مالكي المواقع الإلكترونية أصبحا مليونيرين من عائدات الإعلانات، رغم افتقار محتواها لأي رقابة تحريرية حقيقية.

يشير ماناش إلى أن خدمة جوجل ديسكوفر، التي تُوصي بالمحتوى بناءً على اهتمامات المستخدمين، لا تُميز المواقع المزيفة عن المواقع الموثوقة، مما يسمح لهذه المواقع بالظهور كمصادر موثوقة. يصف بعض المحررين ديسكوفر بأنه “آلة صرف آلي”، قادرة على توليد آلاف الدولارات يوميًا من الإعلانات. وتشير التقارير إلى أن ديسكوفر أصبح مصدرًا رئيسيًا للزيارات في المملكة المتحدة، متجاوزًا بذلك إحالات البحث التقليدية.

من بين الأخبار الملفقة التي تروج لها هذه المواقع ادعاءات كاذبة، مثل إلغاء التعامل النقدي في فرنسا، ومنع الأجداد من تحويل الأموال إلى أحفادهم، وسحب الحكومة الفرنسية مدخراتها لتمويل حرب أوكرانيا. ومن القصص الغريبة الأخرى اكتشاف هرم عمره 25 ألف عام تحت جبل، واكتشاف علماء لمخلوق عملاق يشبه الطيور المفترسة متجمدًا تحت جليد القارة القطبية الجنوبية.

غالبًا ما تتضمن هذه المقالات صورًا تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي وعناوين مثيرة مصممة لإثارة الفضول أو الخوف، مما يؤدي إلى زيادة معدلات النقر فوقها.

يُرجع ماناش ازدياد هذه الظاهرة جزئيًا إلى دروس يوتيوب التعليمية لعامي 2023 و2024، والتي تُعلّم كيفية اختراق منصة ديسكوفر باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي.

ويُحذّر من أن السوق الفرنسية أصبحت الآن “مُشبعة” بمثل هذه المواقع، مما يدفع بعض المُشغّلين إلى استهداف الأسواق الأجنبية بلغات أخرى.

حدد أكثر من 120 شركة ومحررًا وراء هذه المواقع، بمن فيهم صحفيون ومدربون إعلاميون. بعض المواقع كانت توظف صحفيين حقيقيين سابقًا، لكنها استبدلتهم بمحتوى مُولّد بالذكاء الاصطناعي دون إعلام جمهورها.

ردًا على هذه الادعاءات، صرحت جوجل أنها تطبق سياسات صارمة ضد المحتوى غير المرغوب فيه، سواء كان من إنتاج الإنسان أو الذكاء الاصطناعي، وأن أنظمتها تعمل على تقليل ظهور المحتوى منخفض الجودة على Discover ونتائج البحث.

مع ذلك، يرى ماناش أن هذه الإجراءات غير كافية. ويؤكد على ضرورة أن يُظهر الصحفيون تميز عملهم عن محتوى الذكاء الاصطناعي، وأن يُعلم الجمهور عند إنتاج المحتوى بشكل اصطناعي.

في ختام تحقيقه، دعا ماناش إلى وضع علامات واضحة على المحتوى المُنتَج بواسطة الذكاء الاصطناعي، ومعاقبة من يُخفونه. وحذّر من أن هذه المشكلة لا تُهدد الصحافة فحسب، بل تُهدد الديمقراطية أيضًا وحق الجمهور في الحصول على معلومات موثوقة.

ويأمل أن يقوم المزيد من الصحفيين ومدققي الحقائق في جميع أنحاء العالم بتوثيق هذه المواقع ومحاربة “تلوث المعلومات” المتزايد الذي ينتشر بسرعة عبر المساحات الرقمية.

زر الذهاب إلى الأعلى