رأي آخر

ترسيم متطوعي المؤسسات الإعلامية والعمال غير الرسميين بالشركة الوطنية للكهرباء يفتح شهية المتقاعدين لتخقيق التزامات الرئيس بتحسين ظروفهم

في لحظة ترقب مشوبة بالأمل والخذلان، تعود قضية المتقاعدين في موريتانيا إلى الواجهة من جديد، بعد أن فُتحت شهية الآلاف منهم على الإنصاف والعدل إثر قرار الحكومة القاضي بترسيم عدد من المتطوعين في المؤسسات الإعلامية الرسمية، والعاملين غير الرسميين في الشركة الوطنية للكهرباء.

لقد استُقبلت هذه الخطوة ـ التي كانت مستحقة منذ سنوات ـ بترحاب واسع من قبل المتابعين، لما فيها من إنصاف لشريحة ظلت لعقود تعمل دون حقوق واضحة. لكنها في الوقت ذاته فجّرت أسئلة ملحة، خاصة في أوساط المتقاعدين الذين طال انتظارهم لتحقيق وعود الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بشأن تحسين ظروفهم.

فمنذ إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية التي أوصلت غزواني إلى الحكم، لم يتوقف عن التأكيد على التزامه بجعل حياة المتقاعدين أكثر كرامة، عبر مراجعة الرواتب، وتقديم تعويضات عادلة، وضمان خدمات صحية واجتماعية تحفظ لهم ما تبقى من سنوات العمر بكرامة. ومع نهاية مأموريته الأولى، لا تزال هذه التعهدات تنتظر التنفيذ الكامل، ما يثير موجة من الإحباط في صفوف آلاف المتقاعدين.

وقد بلغ هذا الأمل ذروته مع مطلع 2024، عندما شاع أن كل متقاعد سيحصل على تعويض مالي يغطي 40 شهراً من راتبه، بعد أن أجاز المجلس الأعلى للوظيفة العمومية المقترح المُقدم بهذا الخصوص، والذي قيل إن البنك الدولي سيتولى تمويله. غير أن هذا الأمل سرعان ما خبا، بعدما لم يظهر أي أثر ملموس لهذا التمويل أو لبدء صرف تلك المستحقات، باستثناء بعض متقاعدي الجيش والدرك والحرس، الذين حصلوا على مبالغ متفاوتة حسب الرتب.

ثم توالت الأخبار عن دراسة أنجزها مكتب تونسي بشأن تحسين أوضاع المتقاعدين، وأفادت بعض المصادر أن المكتب أنهى عمله وقدم نتائجه للحكومة، إلا أن الملف بقي طي الأدراج، دون توضيحات رسمية للرأي العام أو للمتضررين أنفسهم.

في هذا السياق، يبرز قرار ترسيم متطوعي الإعلام والعمال غير الرسميين في الكهرباء كخطوة مشجعة من جهة، لكنها تضع الحكومة أمام تحد أخلاقي وقانوني من جهة أخرى، إذ لم يعد بالإمكان تجاهل مطالب المتقاعدين، لا سيما بعد أن بات الإنصاف ممكناً وواقعاً لفئات أخرى.

فهل يكون هذا القرار بمثابة مفتاح العدالة المؤجلة لشريحة أنهكتها السنين، وخذلتها الوعود؟
وهل تستجيب الحكومة أخيراً للمطالب المشروعة التي ظل المتقاعدون يرفعونها منذ سنوات؟

ما هو مؤكد أن المتقاعدين ـ رغم الإهمال ـ لم يفقدوا الأمل بعد، وها هم يعودون إلى الواجهة، مستلهمين من ترسيم زملاء الأمس في الإعلام والكهرباء، أملاً جديداً في أن تتحقق العدالة، ولو في الرمق الأخير من مأمورية رئيس وعد، فهل يفي؟

حمادي سيدي محمد آباتي

زر الذهاب إلى الأعلى