اقتصاد

تحذيرات من فقاعة استثمارية في الذكاء الاصطناعي رغم تدفق مليارات الدولارات على الشركات الناشئة

حذّر كبار المسؤولين التنفيذيين في قطاع الاستثمار، اليوم الجمعة، من أن موجة التمويل الضخمة التي تشهدها الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي قد تخفي وراءها فقاعة مالية محتملة، في ظل تقييمات مبالغ فيها لا تعكس الواقع الاقتصادي لتلك المشاريع.

وقال بريان ييو، كبير مسؤولي الاستثمار في صندوق الثروة السيادي السنغافوري (GIC)، خلال قمة معهد ميلكن آسيا 2025 في سنغافورة، إن “هناك بعض الضجة المبالغ فيها في مجال المشروعات التي لا تزال في مراحلها المبكرة”، مضيفًا أن “أي شركة ناشئة ترتبط بالذكاء الاصطناعي تحصل على تقييم ضخم يفوق بكثير حجم إيراداتها المتواضعة، وهو ما قد يكون مبررًا لبعضها لكنه بعيد عن المنطق بالنسبة لأخرى”.

ووفقًا لبيانات شركة “بيتش بوك” البحثية، جمعت الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي نحو 73.1 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2025، وهو ما يعادل 57.9% من إجمالي تمويل رؤوس الأموال المخاطرة عالميًا. وقد جاء هذا الارتفاع مدفوعًا بجولات تمويل قياسية، أبرزها جولة شركة “أوبن إيه آي” التي جمعت 40 مليار دولار، في سباق محموم بين المستثمرين للاستفادة من صعود الذكاء الاصطناعي.

وأكد ييو أن “توقعات السوق ربما تفوق بكثير الإمكانات الفعلية للتكنولوجيا الحالية”، مشيرًا إلى أن “الإنفاق الرأسمالي الكبير يخفي نقاط ضعف اقتصادية كامنة”.

من جانبه، قال تود سيسيتسكي، رئيس شركة “تي بي جي” لإدارة الأصول البديلة، إن “الخوف من تفويت الفرص يشكل خطرًا على المستثمرين”، لافتًا إلى انقسام الآراء حول ما إذا كان القطاع يعيش بالفعل فقاعة اقتصادية.

وذكر تقرير صادر عن بنك “يو بي إس” أن التقييمات الحالية في قطاع الذكاء الاصطناعي تضيء باللون الأحمر، محذرًا من أن أي تباطؤ في التدفقات النقدية قد يؤدي إلى صدمات واسعة. أما تورستن سلوك، كبير الاقتصاديين في مجموعة “أبولو”، فأكد أن “أسهم الذكاء الاصطناعي أصبحت أعلى تقييمًا من أسهم شركات الإنترنت في عام 1999”.

حتى سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة “أوبن إيه آي”، أقرّ بوجود مبالغة في الحماس تجاه الذكاء الاصطناعي، قائلاً: “نعم، أعتقد أننا نمر بمرحلة من المبالغة في التقدير”.

طفرة استثمارية عالمية

تشير التقديرات إلى أن الإنفاق العالمي على الذكاء الاصطناعي قد يتجاوز تريليوني دولار بحلول عام 2026، أي ما يعادل نحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وفي هذا السياق، أعلنت شركة “إنفيديا” مؤخرًا عن استثمار 100 مليار دولار إضافية في “أوبن إيه آي” لبناء مراكز بياناتها الضخمة.

وبحسب تقرير لجامعة ستانفورد، بلغ الاستثمار الخاص في الذكاء الاصطناعي بين عامي 2013 و2024 نحو 470 مليار دولار في الولايات المتحدة، و119 مليار دولار في الصين، ما يعكس شدة المنافسة الاقتصادية والجيوسياسية على ريادة هذا القطاع الحيوي.

وتستحوذ مجموعة صغيرة من الشركات العملاقة، مثل “أوبن إيه آي” و“إنفيديا”، على الحصة الأكبر من هذه الاستثمارات. وقد وصلت قيمة “أوبن إيه آي” إلى 500 مليار دولار، لتصبح أكبر شركة ناشئة غير مدرجة في العالم، متقدمة على “سبيس إكس” التابعة لإيلون ماسك.

تفاؤل حذر

ورغم التحذيرات، يرى محللون أن الفقاعات الاقتصادية ليست غريبة عن مسار الابتكارات الكبرى، فكما صاحبت فقاعة السكك الحديدية في بريطانيا وفورة الكهرباء في أميركا موجات من الخسائر، إلا أن تلك التقنيات استمرت وغيّرت وجه الحياة.

ويؤكد المحلل في شركة “ويدبوش” دان إيفز أن “القطاع يعيش اليوم مرحلة شبيهة بعام 1996 خلال طفرة الإنترنت، لا بعام 1999 عشية الانفجار”، مضيفًا أن “الكثير من الأموال ستُهدر وسيتكبد بعض المستثمرين خسائر كبيرة، لكن الذكاء الاصطناعي – مثل الإنترنت سابقًا – سيبقى ويعيد تشكيل الاقتصاد العالمي”.

زر الذهاب إلى الأعلى