“بيت يكن” في الدرب الأحمر.. إحياء الحرف التقليدية وربط الجيل الجديد بالتراث

تتنفس جدران حي الدرب الأحمر التاريخي بالقاهرة حكايات الماضي، حيث يقف “بيت يكن”، القصر المرمم الذي يعود للقرن التاسع عشر، منارة لإحياء التراث الثقافي. في أروقته العريقة، يشارك شباب وشابات المنطقة في ورش عمل صيفية مفعمة بالحياة، تهدف إلى إعادة إحياء الحرف التقليدية التي كادت أن تختفي وربط جيل جديد بجذور هويته الثقافية.
ويأتي برنامج الورش الصيفية، المنفذ منذ ثلاث سنوات بالشراكة مع “بيت جميل للفنون التراثية”، امتدادًا لمسيرة “بيت يكن” الذي بدأ منذ عشر سنوات في تقديم ورش متخصصة لسكان الدرب الأحمر. وقد استضافت النسخة الأخيرة نحو 100 مشارك ومشاركة من أبناء الحي، تلقوا دروسًا مجانية في فنون دقيقة توارثتها الأجيال، مثل التطعيم على الخشب، والخط العربي، ونحت النحاس، وتقنيات تصميمية أخرى.
وتعكس التجربة الفنية أثرًا عميقًا في نفوس المشاركين. تقول الطالبة جنى وليد (18 عامًا): “كنت آتي في كل إجازة لأتعلم شيئًا جديدًا هنا. هذا العام تعلمت التطعيم على الخشب، وكانت تجربة ممتعة جدًا”. بينما ترى هاجر أيمن (15 عامًا) في هذه الحرف مسارًا لشغفها الشخصي، مؤكدة: “قد تكون هذه الفنون هواية أكثر منها عملًا، لكنها تمنحني المتعة وأرغب في الاستمرار فيها”.
ولا يقتصر تأثير الورش على المشاركين فحسب، بل يشمل عائلاتهم، التي ترى فيها قيمة تربوية وثقافية كبيرة. تقول هدى، جدة إحدى المشاركات: “تعلم الأطفال هنا مهارات يمكن أن يستفيدوا بها في حياتهم اليومية، سواء في المنزل أو مستقبلًا في الجامعة، وحتى لنقلها لأبنائهم”.
من جانبها، أعربت علا سعيد، مالكة “بيت يكن”، عن أملها في أن يشجع البرنامج شباب الحي على التفاعل مع التراث الثقافي الغني لمنطقتهم، التي تضم بعضًا من أغنى الفنون والآثار الإسلامية في القاهرة. وأضافت: “كل أملي أن يوظف الشباب وقتهم بطريقة صحيحة. الدرب الأحمر غني بالآثار والفنون الإسلامية، فكيف لا نستفيد من ذلك؟”.
هذا البرنامج ليس مجرد ورش تعليمية، بل تجربة ثقافية تربط الحاضر بالماضي، وتعيد للحرف التقليدية روحها بين أجيال جديدة، محافظة على الهوية التراثية للحي العريق.