بعثتان طبيتان من إسبانيا تغادران مدينة نواذيبو بعد إجراء عديد العمليات الجراحية

غادرت مدينة انواذيب هذا اليوم بعثتان طبيّتان من إسبانيا، بعد أسبوع حافل بالعطاء الإنساني والعمل الطبي النبيل، شهد إجراء عشرات العمليات الجراحية ومئات الاستشارات المجانية في تخصصين من أدق وأهم التخصصات الطبية: الجراحة التجميلية وأمراض الجلد.
وقد جاءت هذه المبادرة النبيلة في إطار تعاون مثمر بين البعثتين والبلدية، لتبرهن من جديد على أهمية الشراكات العابرة للحدود في خدمة الإنسان، حيث لا لغة تعلو فوق لغة الرحمة، ولا جنسية تسبق إنسانية الفعل.
ربما يظن البعض أن الجراحة التجميلية حكر على الجماليات أو ترف يُطلب للزينة، غير أن الواقع — كما أظهرته هذه البعثة — يبرهن على عكس ذلك تمامًا. فقد استفاد من هذه العمليات ضحايا الحروق والتشوهات الخَلقية، وهم أشخاص لا يبحثون عن الكمال الشكلي، بل عن حياة طبيعية خالية من الألم والمعاناة والنظرات القاسية.
الجراحة التجميلية، في هذا السياق، ليست ترفًا بل ضرورة إنسانية، تُعيد الثقة بالنفس، وتمنح المصابين فرصة لحياة كريمة ومنتجة. وقد توافد إلى البعثة في انواذيب مرضى من خارج الولاية، من مقاطعات الطينطان، النعمة، وبومديد، في دلالة واضحة على حجم الحاجة الوطنية لهذا التخصص الدقيق.
كذلك، شكلت استشارات الأمراض الجلدية محورًا أساسيًا في عمل البعثة الثانية. فالجلد مرآة الجسد، وأمراضه ليست محض مظهر خارجي، بل قد تكون انعكاسًا لأمراض باطنية أو سببًا في معاناة نفسية واجتماعية عميقة. في بلد يتميز بمناخ قاس و ظروف بيئية صعبة، تزداد أهمية هذا التخصص وتتضاعف الحاجة إليه،
ما يُضاعف من قيمة هذا العمل هو كونه خالصًا لوجه الإنسانية، إذ قُدم العلاج بالكامل بشكل مجاني، في نموذج يُحتذى لما يجب أن يكون عليه الطب حين يتجرد من الحسابات التجارية، ويضع المريض أولًا وأخيرًا في مركز العناية والاهتمام
وإنني، بوصفي نائبًا لعمدة مدينة انواذيب، أؤكد أن حديثي عن هذه البعثات ليس من باب المجاملة أو الدبلوماسية، بل عن قناعة راسخة بأهمية ما قمن به. كما أنني أفتخر بالدور التشاركي الريادي الذي لعبته بلدية انواذيب في تسهيل هذه المهمة، وتوفير الظروف الملائمة لنجاحها، إدراكًا منها بأن العمل البلدي لا يقتصر على البنى التحتية، بل يمتد ليشمل كل ما يُسهم في رفاه الإنسان وصحته وكرامته
فلنُحيي الأطباء الإسبان على إنسانيتهم، ولنواصل البناء على ما تحقق، بروح من التعاون والتضامن والمسؤولية المشتركة.
العمدة المساعد الشيخ الكبير بوسيف