تكنولوجيا

بعثة تفتيش نووية مرتقبة إلى الجزائر… مخاوف دولية وتحالفات تقلق الغرب

في تطور لافت يحمل أبعادًا رقابية وأمنية حساسة، كشفت مصادر استخباراتية غربية عن استعداد الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإرسال بعثة تفتيش خاصة إلى الجزائر، للوقوف على واقع البنية التحتية للمنشآت النووية المدنية، وتقييم طرق التخلص من النفايات المشعة الناتجة عن الاستخدامات الطبية.

ووفقًا لما أوردته مجلة “ساحل إنتلجنس” الفرنسية المتخصصة في الشؤون الاستخباراتية، فإن هذه الخطوة تأتي على خلفية تصاعد الشكوك حول مستوى الشفافية الجزائرية في إدارة النفايات النووية، خاصة في ظل ما وصفه أحد خبراء الوكالة بـ”نقص في القدرة على التتبع الكامل لمسار هذه المواد الحساسة”.

وتشير تسريبات من داخل الهيئة الجزائرية للطاقة الذرية إلى وجود اختلالات تنظيمية في رصد وتتبع النفايات المشعة، تحديدًا تلك التي تصدر عن الاستخدامات الطبية المتنامية. هذا الاعتراف الداخلي، وإن كان غير معلن رسميًا، أثار تساؤلات جدية بشأن مدى امتثال الجزائر للمعايير الدولية المتعلقة بالسلامة النووية.

توقيت مثير للانتباه

تأتي هذه التحركات في سياق التزامات الجزائر الدولية بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، واتفاقية الضمانات الشاملة الموقعة عام 1996، إلا أن التوقيت يضيف بعدًا إضافيًا للقلق؛ إذ تتزامن الزيارة مع تصاعد الحديث في الأوساط الغربية عن المخاوف من استغلال النفايات المشعة في إنتاج ما يُعرف بـ”القنابل القذرة” – وهي أدوات تفجيرية تقليدية تُلحق أضرارًا إشعاعية طويلة الأمد.

تحالفات إقليمية تُعقّد المشهد

القلق الغربي لا يقتصر فقط على الجوانب التقنية أو البيئية، بل يتوسع ليشمل الجانب الجيوسياسي، خصوصًا مع تنامي العلاقات الجزائرية-الإيرانية، والتي باتت محل متابعة لصيقة من قبل دوائر صنع القرار في أوروبا وإسرائيل. وترى أطراف غربية أن هذا التحالف قد يُوظف في خلق هوامش مناورة تتجاوز الأطر الرقابية التقليدية، أو يُستخدم كقناة خلفية لتبادل الخبرات النووية خارج المراقبة الرسمية.

مخاوف مشروعة أم تهويل سياسي؟

يرى مراقبون أن إثارة هذه المخاوف قد لا تكون بريئة بالكامل، بل قد تأتي أيضًا ضمن صراع النفوذ الإقليمي، ومحاولة لفرملة الدور المتصاعد للجزائر في المعادلات الجيوسياسية المغاربية والأفريقية. لكنهم في الوقت نفسه يؤكدون أن تعزيز الشفافية وتطوير قدرات التتبع النووي تبقى ضرورات ملحة للحفاظ على المصداقية الدولية ولتفادي الانزلاق نحو عزلة محتملة أو ضغوط أممية متصاعدة.

الجزائر أمام اختبار الثقة النووية

بين التزاماتها الدولية، وحساسيات تحالفاتها، وضغوط البيئة الدولية الآخذة في التوتر، تقف الجزائر اليوم أمام اختبار دقيق يتعلق بقدرتها على طمأنة المجتمع الدولي حيال سلامة منشآتها النووية، ومدى التزامها الصارم بمبادئ الاستخدام السلمي للطاقة الذرية.

زر الذهاب إلى الأعلى