تكنولوجيا

باحثان كنديان يطوران نموذج ذكاء اصطناعي يُمكّن الروبوتات من حياكة الأقمشة تلقائيًا انطلاقًا من الصور

تمكن الباحثان شينغيو تشنغ ومينغ تشنغ لاو من جامعة لورينتيان الكندية من تطوير نموذج ذكاء اصطناعي ثوري يتيح للروبوتات تحليل صور الألبسة وتحويلها مباشرة إلى تعليمات حياكة قابلة للتنفيذ، بما يتيح إنتاج قطع مماثلة دون تدخل بشري مباشر. وأوضح الباحثان لموقع Tech Xplore، في تصريح نقله موقع Interesting Engineering، أن “بحثنا يعالج التحدي القائم في أتمتة عمليات الحياكة من خلال تحويل صور الأقمشة إلى تعليمات مفهومة للأنظمة الآلية”.

ويعتمد المفهوم الجديد على فكرة بسيطة في ظاهرها، لكنها معقدة في تنفيذها: حيث يمكن للمستخدم التقاط صورة لسترة أو قطعة ملابس مفضلة، ليتولى الروبوت تحليل الصورة وحياكة نسخة مطابقة لها. وتكمن الصعوبة في أن الحياكة التقليدية تتطلب من الإنسان خبرة كبيرة لفهم الأنماط وتحديد الغرز بدقة، ما يستغرق وقتًا وجهدًا كبيرين.

ولتجاوز هذه التحديات، طور الباحثان إطار عمل يعتمد على تقنيات التعلم العميق، يتكون من مرحلتين تحاكيان الطريقة التي يتبعها الخبراء لتحليل أنماط الأقمشة المعقدة:

  • المرحلة الأولى: تُحوّل صورة النسيج إلى تمثيل مبسط يبرز العناصر الأساسية للنمط، بما يشبه الرسومات التخطيطية التي تسهّل التعرف على الغرز السطحية. ومن هذا التمثيل، يستخرج النظام ما يُعرف بـ”العلامات الأمامية”، وهي تمثل البنية الأساسية لنمط الحياكة.
  • المرحلة الثانية: يستخدم نموذج الذكاء الاصطناعي هذه العلامات لتوليد تعليمات حياكة تفصيلية، تشمل الغرز المرئية والمخفية على حد سواء، بحيث تُنسق بطريقة مفهومة وقابلة للتنفيذ من قبل آلات الحياكة.

وقد اختُبر هذا النموذج على أكثر من 5,000 عينة نسيجية مختلفة، وحقق نتائج مذهلة، حيث بلغت دقة التحويل من الصور إلى تعليمات حياكة أكثر من 97%، متفوقًا بوضوح على الأساليب التقليدية. كما أظهر النموذج قدرة عالية على التعامل مع تعقيدات الأقمشة متعددة الألوان والغرز النادرة التي كانت تمثل تحديًا كبيرًا في السابق.

وأشار الباحثان إلى أن هذه التقنية تمهد الطريق نحو أتمتة كاملة لإنتاج المنسوجات، مما يسهم في تقليل الوقت والتكاليف المرتبطة بالعمالة اليدوية.

لكن ورغم هذه الإنجازات التقنية، حذر خبراء من الجانب المظلم المحتمل لهذا التطور، حيث أن أتمتة عمليات الحياكة قد تؤدي إلى فقدان عدد كبير من فرص العمل في قطاع يعتمد عليه أكثر من 75 مليون شخص حول العالم، يعمل معظمهم في وظائف متدنية الأجر وشاقة مثل الخياطة والحياكة اليدوية.

إن هذا التقدم التكنولوجي يفتح آفاقًا واسعة لمستقبل صناعة النسيج، لكنه في الوقت نفسه يطرح تحديات اجتماعية واقتصادية عميقة تتطلب حلولًا متوازنة تضمن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي دون الإضرار بحقوق وسبل عيش ملايين العاملين حول العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى