“المطلع” يعزز قدراته العلاجية بجهاز إشعاعي متطور مدعوم بالذكاء الاصطناعي

يستقبل مستشفى أوغستا فكتوريا (المُطلع) في مدينة القدس المحتلة يومياً ما بين 80 إلى 90 مريضاً من مختلف محافظات الضفة الغربية، يتلقون جلسات علاج إشعاعي لمكافحة أنواع مختلفة من الأورام السرطانية. وقد بدأ المستشفى مؤخراً باستخدام جهاز “المُسارع الخطي” المتطور، المدعوم بتقنية الذكاء الاصطناعي، والذي تم التبرع به من قبل صندوق قطر للتنمية.
تجربة المرضى: أمل في الشفاء
في وحدة العلاج بالإشعاع، التقت “الجزيرة نت” بمريضتين من مدينة نابلس، سمر عميرة ويوليانا زين الدين، تخضعان لجلسات علاج بعد تشخيص إصابتهما بسرطان الثدي والغدد اللمفاوية.
قالت سمر عميرة، التي تم تشخيصها في يوليو/تموز 2024، إن أكثر ما يمنحها شعوراً بالطمأنينة هو سعي المستشفى الدائم لمواكبة أحدث التقنيات العلاجية، مضيفة: “عندما علمت بوجود هذا الجهاز الجديد، شعرت بالأمل، وأؤمن أنه سيساهم في تحقيق نتائج دقيقة وفعالة في رحلة شفائنا.”
أما يوليانا زين الدين، وهي مواطنة رومانية تقيم في نابلس منذ عام 1990، فقد حضرت لإتمام جلستها الرابعة عشرة من أصل 16 جلسة علاج. وأشارت إلى أن من أكثر ما يريحها أثناء الجلسات هو انخفاض صوت الجهاز وغياب الآلام، مضيفة أنها رغم تعرضها لانتكاسات صحية عديدة، لم تفكر يوماً في مغادرة فلسطين للعلاج، “لأن الأطباء هنا أكفاء، وطاقم مستشفى المطلع يتميز بروح إنسانية عالية، مما يمنحنا القوة لمواجهة المرض.”
تقنيات حديثة ونتائج ملموسة
الطبيب عبد المنعم الخطيب، الأخصائي في قسم العلاج بالإشعاع، أوضح أن الجهاز الجديد يتيح دقة أعلى في توجيه الحقول الإشعاعية، مما يقلل من الأعراض الجانبية ويرفع كفاءة العلاج، خاصة في التعامل مع الأورام المتحركة بسبب التنفس أو القريبة من أعضاء متحركة.
وأشار إلى أن الجهاز يمكّن الفريق الطبي من تتبع الورم بدقة خلال الجلسة والتحكم الكامل بجرعة الإشعاع، مضيفاً أن آلية العلاج تعتمد على حزم طاقة مكثفة تقوم بتكسير الروابط الجينية في الخلايا السرطانية، التي لا تملك القدرة على التجدد بخلاف الخلايا السليمة.
نقلة نوعية في علاج الأورام
من جانبه، أكد الدكتور فادي الأطرش، المدير التنفيذي للمستشفى ورئيس قسم علاج الأورام بالإشعاع، أن إدخال “المُسارع الخطي” يأتي ضمن خطة شاملة لتحديث تقنيات العلاج في المستشفى. وأضاف: “العلاج الإشعاعي يشهد تطوراً مستمراً، وتقديم هذه التكنولوجيا المتقدمة للفلسطينيين يعزز فرص السيطرة على المرض والشفاء.”
وبيّن أن المستشفى قطع مراحل تطويرية بارزة في قسم الإشعاع منذ تأسيسه عام 2004، وشهد نقاط تحول هامة في أعوام 2011 و2018، فيما يُشكل عام 2025 انطلاقة جديدة بدخول الذكاء الاصطناعي إلى قلب العمل العلاجي.
كما أوضح الأطرش أن هذه التقنية تمكّن من علاج عدة مواضع سرطانية في الجسم في وقت واحد، وتقلل من التأثيرات على الأنسجة السليمة، ما ينعكس إيجاباً على جودة حياة المرضى ورفع نسب شفائهم.
خدمة أوسع… بانتظار مرضى غزة
وتابع الأطرش قائلاً إن الجهاز الجديد من شأنه تعزيز القدرة الاستيعابية للمستشفى، ليكون مستعداً لاستقبال المرضى من قطاع غزة عند عودة إمكانية تنقلهم للعلاج، مشيراً إلى أن الغزيين كانوا يشكلون 30% من المرضى، لكن أكثر من 600 منهم حرموا من العلاج خلال فترة الحرب.
وفي إطار احتفال مستشفى المطلع بمرور 75 عاماً على تأسيسه، شدد الأطرش على أن هذا الصرح الطبي، الذي أُنشئ عام 1950، وُجد لخدمة الشعب الفلسطيني وتوفير رعاية صحية عالية الجودة ومستدامة، مع الحفاظ على كرامة المريض الفلسطيني.
قيادة النظام الصحي الفلسطيني
واختتم المدير التنفيذي تصريحه بالقول: “سنواصل تصدّر المشهد في المطالبة بحقوق الفلسطينيين الصحية، والمساهمة في إعادة هيكلة النظام الصحي الفلسطيني ليصبح أكثر كفاءة واستدامة، خاصة من خلال دورنا في شبكة مستشفيات القدس الشرقية التي تُعد العمود الفقري لهذا النظام.”