صحة

القرنية المخروطية.. مرض صامت يهدد نظر الشباب ويفرض أهمية التشخيص المبكر والوقاية

تُعدّ القرنية المخروطية (Keratoconus) أحد أكثر أمراض العيون شيوعاً بين فئة الشباب والمراهقين، وهي حالة مزمنة تتطور تدريجياً وتؤثر بشكل مباشر على حدة الإبصار. ورغم خطورتها، يصعب اكتشافها في مراحلها الأولى بسبب غياب الأعراض الواضحة في البدايات، مما يجعل التشخيص المبكر عاملاً حاسماً في السيطرة على المرض.

يلعب كل من العامل الوراثي والعوامل البيئية—وخاصة الحساسية وفرك العين المستمر—دوراً بارزاً في تطور القرنية المخروطية. ويمنح التقدم الطبي الحالي، مثل تثبيت القرنية وزراعة العدسات أو القرنية، المرضى فرصة كبيرة للحفاظ على بصرهم وتحسين جودة حياتهم. ويظل الوعي وتجنب السلوكيات الضارة مثل فرك العينين حجر الأساس في الوقاية وتقليل المضاعفات.

ما هي القرنية المخروطية؟

يوضح أخصائي طب وجراحة العيون الدكتور ضياء البطوش أن القرنية المخروطية هي حالة يحدث فيها ترقق في القرنية وزيادة تحدب جزء منها، مما يؤدي إلى تشوش الرؤية وضعف النظر الذي قد لا يتحسن بالنظارات.

ويؤكد البطوش أن هذا التغيّر في شكل القرنية يؤثر على انكسار الضوء داخل العين، فتظهر الرؤية غير واضحة وتزداد سوءاً بمرور الوقت إن لم تتوفر العناية الطبية المناسبة.

وتشير الدراسات إلى أن المرض يعد شائعاً في الشرق الأوسط وقد تصل نسبته إلى 1.7% من السكان، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالمناطق الأخرى. ويتوقع الخبراء زيادة الاكتشافات مستقبلاً بفضل تطور طرق التشخيص وارتفاع الوعي الصحي.

كما يشير البطوش إلى أن المراهقين والشباب هم الأكثر عرضة للإصابة، وأن المرض قد يظهر أيضاً لدى الأطفال المصابين بالحساسية المزمنة أو ممن لديهم تاريخ عائلي للمرض، مما يبرز أهمية الفحص المبكر لهذه الفئات.

أسباب الإصابة بالقرنية المخروطية

يؤكد الدكتور البطوش أنه لا يوجد سبب محدد للمرض، لكن العوامل الوراثية والبيئية تلعب دوراً كبيراً. وتشكل الوراثة نحو 10% فقط من الحالات دون وجود نمط وراثي واضح.

وتزداد احتمالية الإصابة لدى:

  • مرضى الحساسية والربو
  • المصابين بمتلازمة داون
  • من يعانون اضطرابات في النسيج الضام

ويعد فرك العينين المتكرر أحد أهم العوامل التي قد تسهم في تسارع تطور القرنية المخروطية، وخاصة لدى الأطفال والشباب.

ويحذر البطوش من تغيّر قياسات النظارات بشكل متكرر أو وجود درجات عالية من قصر النظر والانحراف في سن مبكرة، إذ قد تكون تلك مؤشرات واضحة على وجود المرض.

تأثير المرض على جودة الحياة

يشير البطوش إلى أن تأثير القرنية المخروطية يتفاوت حسب شدة الإصابة. ففي الحالات البسيطة يمكن تصحيح الرؤية بالنظارات، بينما في الحالات المتقدمة قد تتأثر الأنشطة اليومية مثل القراءة وقيادة السيارة واستخدام الأجهزة الإلكترونية، مما يسبب عبئاً نفسياً ووظيفياً على المريض.

وقد يتحمل المصاب أعباء مالية خاصة عند الحاجة إلى عمليات مثل التثبيت أو زراعة القرنية، بالإضافة إلى المتابعة الدورية الدقيقة.

التشخيص والعلاج

يؤكد استشاري طب وجراحة العيون الدكتور محمد الخصاونة أن التشخيص يبدأ بقياس حدة الإبصار، وفي حال وجود انحراف يُجرى فحص تضاريس القرنية باستخدام تقنية Corneal Topography، وهي الأكثر دقة في كشف المرض ومراحله الأولى.

أبرز خيارات العلاج:

1. تثبيت القرنية (Cross-Linking)

  • يهدف إلى إيقاف أو إبطاء تطور المرض
  • يُجرى مباشرة عند ملاحظة تقدم الحالة
  • قد يستخدم وقائياً عند الشباب حتى دون وجود تطور واضح

2. العدسات الخاصة

  • العدسات الصلبة (RGP): للحالات المتوسطة والمتقدمة
  • العدسات الهجينة: للمرضى غير القادرين على تحمل الصلبة
  • العدسات الحلقية (Scleral Lenses): للحالات المتقدمة جداً

3. زراعة القرنية

يلجأ إليها الطبيب عند فشل العدسات والنظارات في تحسين الرؤية، أو عند وجود ندبات وتشوهات شديدة.
ويشير الخصاونة إلى أن نسبة النجاح تتراوح بين 90–95% وقد تتحسن الرؤية بشكل كبير بعد العملية.

علاجات متقدمة وتقنيات مستقبلية

تشمل التقنيات الحديثة:

  • زراعة الحلقات داخل القرنية
  • الليزر الموجه مع التثبيت
  • زراعة عدسات داخل العين

كما توجد دراسات تجريبية تعتمد على الخلايا الجذعية لزيادة سماكة القرنية وتقويتها، إضافة إلى أبحاث تستخدم الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بتطور المرض مبكراً.

إرشادات وقائية مهمة

يوصي الخصاونة بما يلي:

  • تجنب فرك العينين نهائياً
  • علاج الحساسية وجفاف العين
  • إجراء التثبيت مبكراً عند الحاجة
  • فحص أفراد العائلة عند وجود مصاب
  • ارتداء نظارات مضادة للأشعة فوق البنفسجية
  • استخدام الدموع الصناعية بانتظام
  • مراجعة طبيب العيون دورياً

زر الذهاب إلى الأعلى