اقتصاد

الفلاحون المغاربة يطرقون أبواب موريتانيا بحثاً عن بدائل تصديرية

في ظل التغيرات الجذرية التي تشهدها خارطة التصدير الزراعي الإفريقية، يعود ملف الهجرة الفلاحية المغربية إلى موريتانيا إلى الواجهة من جديد. فقد بدأ عدد متزايد من الفلاحين المغاربة، خصوصاً العاملين في قطاع الخضر، بالتلويح بخطوة غير مسبوقة تتجلى في نقل نشاطهم الإنتاجي إلى الأراضي الموريتانية.

ووفق مصادر مغربية مطلعة، فإن هذا التوجه يجد مبرره في التراجع الحاد لصادرات الخضر نحو إفريقيا، والذي تفاقم خلال الأشهر الماضية بفعل تبني عدة دول – على رأسها موريتانيا والسنغال وساحل العاج – سياسات الاكتفاء الذاتي الغذائي، ما أفضى إلى تقلص الطلب على المنتجات المغربية.

موريتانيا.. وجهة جديدة بامتياز

تشير المعطيات إلى أن موريتانيا أصبحت وجهة مغرية للفلاحين، بفضل عوامل عدة، أبرزها وفرة الأراضي الصالحة للزراعة، وسهولة الولوج إلى المياه الجوفية، إضافة إلى برامج الدعم التي تطرحها الحكومة الموريتانية للمستثمرين الأجانب. وتتضمن هذه البرامج منحاً عقارية، وإعفاءات ضريبية، وتسهيلات إدارية لجذب رؤوس الأموال الفلاحية.

محمد زمراني، رئيس الجمعية المغربية لمصدّري السلع نحو إفريقيا، صرّح في هذا السياق أن “نقل النشاط إلى موريتانيا لم يعد مجرد فكرة، بل هو خيار استراتيجي قيد التنفيذ بالنسبة لعدد من الفلاحين”، مضيفاً أن الفلاح المغربي “وجد نفسه محاصراً بين ارتفاع تكاليف الإنتاج في الداخل، وتقلص هوامش التصدير في الخارج”.

التحديات في الداخل المغربي

ويرى خبراء في الاقتصاد الزراعي أن هذا التحول يعكس أزمة أعمق في النموذج الفلاحي المغربي، الذي يواجه تحديات تتعلق بتكاليف المياه والطاقة والأسمدة، فضلاً عن هشاشة البنية اللوجستية، خاصة في معبر الكركرات، الذي يمثل شريان التصدير البري نحو دول إفريقيا جنوب الصحراء.

في المقابل، يرى مراقبون أن خطوة الهجرة الفلاحية نحو موريتانيا قد تفضي إلى تعاون إقليمي جديد في مجال الزراعة، خصوصاً إذا نجحت التجربة في ضمان الأمن الغذائي الموريتاني، مع الاستفادة من الخبرات المغربية المتقدمة في تقنيات الزراعة والتسويق.

الخلاصة

ما بين طموح التوسع وأزمة الداخل، يجد الفلاح المغربي نفسه أمام معادلة معقدة. فإما الاستمرار في ظروف إنتاج غير مستدامة، أو المغامرة بتجربة جديدة في أرضٍ واعدة مثل موريتانيا. والمؤكد أن مستقبل الخضر المغربية في إفريقيا أصبح على المحك، في انتظار ما ستؤول إليه تحركات الفلاحين والردود الحكومية على هذا التحول النوعي.

زر الذهاب إلى الأعلى