اقتصاد

الصين توسّع نفوذ اليوان عالميًا عبر سياسات الديون وتحويل القروض من الدولار

تعمل الصين على استغلال موقعها كأكبر دائن عالمي لتعزيز مكانة اليوان في النظام المالي الدولي، من خلال تشجيع الدول المقترضة على التحول من الدولار إلى العملة الصينية في تسوية القروض، وفق تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ. ويتيح هذا التوجه للدول المستفيدة الاستفادة من معدلات الفائدة المنخفضة داخل الصين، في وقت تتجه فيه نحو تقليل اعتمادها على الدولار.

وأصبحت إثيوبيا أحدث الدول التي طلبت هذا الأسبوع تحويل جزء من ديونها البالغة نحو 5.38 مليارات دولار إلى قروض مقومة باليوان، بينما تتوسع عدد من الدول في اللجوء إلى أدوات التمويل الصينية الأرخص مثل السندات. وقد قامت كينيا بالفعل بخطوة مماثلة هذا الشهر، محققة وفراً سنوياً قدره 215 مليون دولار بعد تحويل قروض السكك الحديدية من الدولار إلى اليوان.

ورغم المكاسب الاستراتيجية التي تحققها بكين، فإن هذه الخطوة ليست بلا تكلفة؛ إذ تتحمل الصين خسائر مالية نتيجة فارق الفائدة بين الدولار واليوان، حيث تبقى الفائدة في الداخل أقل بكثير من المستويات العالمية. ويرى مايكل بيتيس، الباحث في مؤسسة كارنيغي، أن الصين تقبل عائدات أقل مقابل تعزيز حضور عملتها دوليًا، مشيراً إلى أن توسيع استخدام اليوان يمثل مكسباً إستراتيجياً يتجاوز الحسابات المالية المباشرة.

وتسعى بكين لتسهيل استخدام اليوان في التجارة وتسوية المدفوعات، بما في ذلك القروض الجديدة خارج أفريقيا، مع ضمان دعم المقترضين في دفع أثمان السلع الصينية باليوان، وهو ما يعزز ارتباط الاقتصادات النامية بالنظام المالي الصيني. ويأتي هذا التوسع في وقت تتراجع فيه الهيمنة المالية الأميركية نسبيًا، وسط توترات بين أكبر اقتصادين في العالم.

وتشهد دول مثل المجر وكازاخستان وسريلانكا وإندونيسيا توسعاً في إصدار سندات وقروض مقومة باليوان، بينما أظهرت بيانات بلومبيرغ إصدار ما قيمته 68 مليار يوان من هذه الأدوات حتى أكتوبر/تشرين الأول 2025، أي ضعف ما أُصدر خلال عام 2024.

كما بدأت دول أخرى مثل زامبيا، التي تواجه عبئًا ديونياً كبيراً لصالح الصين، بمراقبة هذه التحولات عن كثب، إذ صرّح وزير ماليتها بأن أي إجراء يخفف عبء الديون سيكون موضع اهتمام.

وعلى جانب آخر، ساهمت اتفاقيات مبادلة العملات التي عقدتها الصين مع حوالي 30 دولة في تعزيز منظومة استخدام اليوان، وفق خبراء، ما يسمح للدول بالتعامل التجاري والمالي بعيدًا عن الدولار.

وتأتي هذه التحركات في سياق عالمي يتسم بتراجع الدولار بنسبة تقارب 7.5% هذا العام أمام سلة من العملات، مدفوعًا بسياسات مالية وتجارية غير مستقرة في الولايات المتحدة وارتفاع مستويات الدين العام. ومع التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، تعمل الصين على تقليل اعتمادها على الدولار، مستندة إلى احتياطي ضخم من الذهب وتوجه تدريجي نحو نظام نقدي متعدد الأقطاب.

وتهدف بكين على المدى البعيد إلى جعل اليوان عملة احتياطية رئيسية، تعكس نفوذها الاقتصادي والتكنولوجي المتزايد، وتحد من قدرة واشنطن على استخدام الدولار أداةَ ضغط في الصراعات الدولية، كما حدث مع روسيا بعد الحرب في أوكرانيا.

زر الذهاب إلى الأعلى