السعودية تواصل حصد معارض الابتكار.. لكن أين تذهب الاختراعات؟

متعب العواد / بتصرف
تثبت السعودية عاماً بعد عام ريادتها في ميادين الابتكار والاختراع العالمية، حيث حقق المخترعون السعوديون ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية في مجالات دقيقة تشمل الأجهزة الطبية، الإلكترونيات، واللقاحات الحيوية. جاء ذلك عبر مشاركات متميزة في منصات بارزة مثل معرض جنيف الدولي للاختراعات، والمسابقة الآسيوية للاختراع والابتكار في كوريا وماليزيا.
ووفقاً لتقرير المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO)، سجلت المملكة العربية السعودية 6,496 طلب براءة اختراع في عام 2023، لتحل في المرتبة 27 عالمياً، ما يعكس قفزة نوعية في بيئة البحث والتطوير الوطني.
التحدي: من جوائز إلى منتجات سوقية
رغم هذا التألق اللافت، يبرز سؤال ملح: لماذا لا تتحول هذه الابتكارات السعودية إلى منتجات تجارية تنافس في الأسواق المحلية والعالمية؟
تشير تقارير البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) إلى أن الاقتصادات القائمة على المعرفة والابتكار تحقق معدلات نمو تفوق الاقتصادات التقليدية بنسبة تصل إلى الضعف. فعلى سبيل المثال، تساهم الصناعات المعتمدة على الملكية الفكرية بأكثر من 40% من الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة. كما تُعد الصين نموذجاً بارزاً في تحويل براءات الاختراع إلى منتجات قابلة للتصدير والانتشار الدولي.
الخبراء: الفجوة الاقتصادية تهدد العوائد
في هذا السياق، يوضح الدكتور بدر الشمري، الباحث في الابتكار والهندسة الكهربائية، أن قوة الابتكار الحقيقية لا تُقاس بعدد الجوائز فقط، بل بعدد المنتجات القابلة للتسويق التي تخلق فرص عمل وتُعزز الناتج المحلي.
بدوره، يحذر الدكتور وليد الغصاب، الخبير في الأنظمة المالية والأسواق العالمية، من خطورة غياب التكامل بين الابتكار والمنظومة الاقتصادية، مؤكداً أن السعودية تمتلك رصيداً علمياً هائلاً من العقول المبتكرة، لكن القيمة الحقيقية لهذه العقول تُهدر إذا لم تُستثمر عبر إدخالها ضمن سلاسل الإنتاج الصناعي.
ويضيف الغصاب: “الاستثمار العالمي الناجح يرتكز على تحويل الابتكار إلى أصل اقتصادي ملموس عبر مراحل النمذجة، التسجيل، التصنيع، ثم التصدير”، مشدداً على أهمية تبني هذا المسار لتعظيم الاستفادة الاقتصادية من المخترعين السعوديين.
ختاماً
بينما تواصل السعودية تألقها في معارض الابتكار، تبدو الحاجة ماسة إلى بناء منظومة متكاملة تدعم تحويل الاختراعات من أفكار مُبدعة إلى منتجات صناعية تُغذي الاقتصاد الوطني وتضع المملكة في مصاف الدول الرائدة عالمياً في الابتكار.