التهميش الوظيفي في لكصيبة1 : شرخ اجتماعي يُهدد وحدة الخيار السياسي

تشهد مقاطعة لكصيبة 1 بولاية كوركول حالة من التململ السياسي والاجتماعي، بدأت ملامحها تتجلى بوضوح في الأوساط المحلية، على خلفية ما يعتبره عدد من أبناء المنطقة تمييزًا غير مبرر في توزيع المناصب السامية والوظائف الإدارية بين مكونين أساسيين يقطنان المقاطعة.
ورغم أن أحد هذين المكونين يتمتع بجذور تاريخية عميقة وحضور قديم في المنطقة، فإن المكون الآخر لا يقل أهمية من حيث الكثافة السكانية، بل إنه يسيطر إداريًا على بلديتين من أصل أربع، وله حضور سياسي وازن، أثبته بقوة في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة.
ففي الانتخابات التشريعية والبلدية الماضية، كان لهذا المكون دورٌ حاسم في تعزيز مكانة الحزب الحاكم داخل المقاطعة. وقد ساهم أطره وفاعلوه السياسيون بشكل فعّال في تعبئة الناخبين، مما انعكس إيجابًا على النتائج التي حققها الحزب، إلى درجة يمكن معها القول إن هذا المكون أنقذ صورة الحزب في المنطقة، ولولا تصويته الكثيف والمركز لصالح خياراته، لكانت النتائج أقرب إلى ما سُجل في الاستحقاقات السابقة التي وُصفت آنذاك بالضعف وخيبة الأمل.
ورغم هذا الولاء السياسي اللافت، إلا أن التمثيل الرسمي لهذا المكون لا يزال شبه معدوم، إذ لم يحصل حتى الآن على حقيبة وزارية، ولا على أمانة عامة في أي وزارة، في الوقت الذي نالت فيه المكونة الأخرى – رغم قلة عددها – مناصب تنفيذية رفيعة، منها عمدتان، نائب برلماني، ومنصب حزبي بارز.
هذا الاختلال في التوازن، القائم على ما يبدو على اعتبارات غير موضوعية، عمّق الشعور بالغبن والتهميش داخل مكون يشكل رقمًا صعبًا في المعادلة السياسية والانتخابية. وقد بدأت الأصوات من داخله ترتفع مطالبةً بمراجعة جذرية لسياسات التعيين وتوزيع الفرص، حتى لا يتحول هذا الإحساس بـ”المغبونية” إلى تذمر جماعي يفضي إلى فتور في المشاركة السياسية، وربما إلى فقدان الثقة في خطاب الحزب الحاكم، وهو ما ستكون له ارتدادات خطيرة على السلم الاجتماعي ومكانة الحزب في المنطقة.
لا أحد ينكر أن العدالة في التمثيل والإنصاف في توزيع المناصب، يمثلان شرطًا أساسيًا لاستقرار أي بنية سياسية. ولا يمكن الحديث عن بناء دولة عادلة دون الاعتراف بكافة مكوناتها ومنحها فرصًا متكافئة للمشاركة والتأثير.
وإذا كان هذا المكون قد برهن في أكثر من مناسبة على تشبثه بالخيار الجمهوري والتزامه بخيارات الدولة، فإن الإنصاف يقتضي أن يُقابل هذا الولاء بخطوات ملموسة تعزز شعوره بأنه شريك حقيقي في المشروع الوطني، لا مجرد كتلة انتخابية ظرفية يتم استدعاؤها وقت الحاجة ثم يتم تهميشها لاحقًا.
لقد آن الأوان لأن يُعيد الحزب الحاكم والدولة عمومًا، النظر في آلية التعيينات وإدارة التوازن داخل هذه المقاطعة الحساسة، بما يضمن الاستقرار السياسي ويُجنب المنطقة انفجارات صامتة قد تضعف النسيج الاجتماعي وتهدد وحدة الصف السياسي الوطني.