ثقافة

الترويج لأهمية التعليم كأولوية وطنية في الخطاب الإعلامي: مقاربة في ضوء السياسة التربوية الموريتانية

يُعد التعليم حجر الزاوية في بناء الأمم وتقدّم المجتمعات، وقد أولت السياسة التربوية في موريتانيا في السنوات الأخيرة اهتمامًا متزايدًا بإعادة هيكلة المنظومة التعليمية لتواكب المعايير الدولية الحديثة، بالاستناد إلى مبادئ الجودة، والعدالة، والشمولية. وفي هذا السياق، يتعيّن على الخطاب الإعلامي الوطني أن يضطلع بدور استراتيجي في ترسيخ التعليم كقضية مركزية وأولوية وطنية تتقدّم على سائر القطاعات.

السياسة التربوية الموريتانية: معايير علمية ورؤية وطنية

تبنّت موريتانيا، من خلال وزارة التهذيب الوطني وإصلاح النظام التعليمي، سياسات واضحة ترتكز على تحديث المناهج، تحسين تكوين الكادر التربوي، وتوسيع قاعدة التعليم الأساسي للجميع. كما يسعى مركز الدراسات والأبحاث التربوية ، وهو هيئة رائدة في هذا المجال، إلى تطوير مناهج تراعي النظريات التربوية العالمية المعاصرة، مثل التعلم النشط، وبيداغوجيا الكفاءات، والتقييم القائم على الأداء.

ويُعد هذا التوجه ترجمة لرؤية وطنية تجعل من التعليم رافعةً أساسية للتنمية البشرية والاجتماعية، انسجامًا مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة، لاسيما الهدف الرابع المتعلق بـ”ضمان تعليم جيد وشامل ومنصف”.

دور الإعلام في ترسيخ التعليم كأولوية وطنية

إن الإعلام، بمختلف وسائله التقليدية والحديثة، يُمثل أداة حيوية في تشكيل وعي المجتمع بأهمية التعليم، وتوجيه الرأي العام لدعمه كأولوية استراتيجية. وتتلخص أدواره الرئيسية في هذا المجال فيما يلي:

  1. التوعية والتحسيس: نشر ثقافة التعليم باعتباره حقًا أساسيًا وضرورة قصوى للتقدم الاجتماعي، مع التركيز على قصص النجاح المحلية التي تعكس أثر التعليم في تغيير حياة الأفراد والمجتمعات.
  2. الدفاع والمناصرة: الضغط الإيجابي لصالح زيادة ميزانيات التعليم وتفعيل السياسات الإصلاحية، عبر تسليط الضوء على التحديات، مثل التسرب المدرسي، والفجوات الجغرافية، وضعف البنى التحتية.
  3. الترويج للسياسات التعليمية: تعريف الجمهور بمضامين الإصلاحات التربوية التي يتبناها مركز الدراسات والأبحاث التربوية ووزارة التربية وإصلاح النظام التعليمي ، مثل تحديث البرامج الدراسية، واعتماد مقاربات تعليمية تستجيب لمتطلبات سوق العمل.
  4. تسهيل المشاركة المجتمعية: تشجيع الأسر والمجتمع المدني على دعم المدارس، من خلال تغطية المبادرات المجتمعية، وحملات العودة للمدرسة، وبرامج محو الأمية.
  5. محاربة الصور النمطية: معالجة الخطابات السلبية التي تقلل من قيمة التعليم النظامي، خاصة في المناطق الريفية، وتصحيح المفاهيم المغلوطة حول التعليم المهني والفني.

أهمية الالتزام بالمعايير العلمية في الخطاب الإعلامي

ينبغي أن يستند الخطاب الإعلامي عند الترويج للتعليم إلى معايير علمية دقيقة وبيانات موثوقة، مع الالتزام بالمصداقية والموضوعية، حتى لا يتحول إلى دعاية جوفاء.

وهنا يأتي دور الشراكات بين وسائل الإعلام والمؤسسات التربوية، مثل مركز الدراسات والأبحاث التربوية الذي يسعى لتوفير المعلومات الدقيقة، وتدريب الصحفيين على قضايا التعليم، بما يضمن محتوى إعلاميًا هادفًا ومؤثرًا.

خاتمة

ختامًا، فإن ترسيخ التعليم كأولوية وطنية في موريتانيا لن يكتمل دون شراكة حقيقية بين السياسات التربوية الواعية والإعلام المسؤول، لتتكامل جهود التطوير الميداني مع صناعة الوعي الجمعي.

ومتى ما تحققت هذه الشراكة وتوسعت قاعدتها ، سيصبح التعليم فعلاً خيار الدولة والمجتمع معًا، لا شعارًا عابرًا في البرامج الحكومية أو الحملات والمناسبات.

زر الذهاب إلى الأعلى