البرهان يرفض مبادرة بولس ويؤكد تمسّكه بخارطة الطريق السودانية

رفض رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، خلال اجتماع مع ضباط القوات المسلحة، المقترح الذي قدّمه مستشار الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية مسعد بولس، واصفًا إيّاه بأنه “أسوأ ورقة تُقدَّم”، بحسب تسجيل مصوّر نشرته الحكومة. وأكد البرهان أن أي حل يجب أن يستند إلى خارطة الطريق التي طرحها مجلس السيادة، معتبرًا أن اللجنة الرباعية المعنية بوقف الحرب “غير محايدة”.
وأوضح البرهان أن الورقة الأميركية “تلغي وجود القوات المسلحة، وتدعو لحل جميع الأجهزة الأمنية، وتُبقي المليشيا المتمردة في مواقعها”، منتقدًا في الوقت ذاته اتهامات بولس للحكومة بعرقلة المساعدات الإنسانية واستخدام أسلحة كيميائية. وشدد البرهان على أن “الوساطة إذا مضت في هذا الاتجاه، فسنعتبرها غير محايدة”، مضيفًا: “ورقتك هذه غير مقبولة”.
وأشار إلى أن خارطة الطريق التي أعلنتها الحكومة في فبراير/شباط الماضي تبقى الإطار الوحيد المقبول لحل الأزمة، وتشمل إطلاق حوار وطني شامل، وتشكيل حكومة كفاءات مستقلة، وتجاوز تبعات الحرب، وإخلاء الأعيان المدنية، وتهيئة الأجواء للتفاوض.
وانتقد البرهان ما وصفه بدور بولس “المُعطِّل لمسار السلام”، واصفًا تصريحاته بأنها امتداد لـ”أبواق تحالف صمود وتأسيس والمليشيا”، مؤكدا أن القوات المسلحة “عازمة على استعادة كل الأراضي التي دنسها التمرد في كردفان ودارفور”. وجدد شرط الحكومة لوقف إطلاق النار، وهو انسحاب المليشيا من جميع المناطق التي دخلتها بعد اتفاق جدة.
وأثنى البرهان على جهود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، مؤكدًا أن مبادرته “فرصة لتجنيب السودان الدمار والتمزق”، مشيرًا إلى أن حديثه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أوضح حقيقة ما يجري في البلاد. كما شدد على رفض “أنصاف الحلول”، معتبرًا أن بعض المقترحات المطروحة حاليًا “دعوة صريحة لتقسيم السودان”.
وأكد البرهان ضرورة تجميع المجموعات المسلحة ونزع سلاحها بضمانات واضحة، رافضًا أي محاولة لفرض شخصيات محددة مثل عبد الله حمدوك أو محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وقال: “الحالمون بحكم السودان لن يستطيعوا حكمه مجددًا، والقابعون بالخارج عليهم العودة لمواجهة الشعب”.
تطورات ميدانية: صد هجوم في غرب كردفان
ميدانيًا، أفادت مصادر عسكرية للجزيرة بأن الجيش السوداني صد هجومًا واسعًا شنته قوات الدعم السريع على مدينة بابنوسة، إحدى أهم مدن ولاية غرب كردفان، مُكبّدًا المهاجمين خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد. وفي محاور أخرى بكردفان، أكدت مصادر عسكرية أن الجيش والقوات المساندة حققوا تقدمًا ملحوظًا وأن المعارك تسير وفق الخطة الموضوعة.
وكان الجيش قد نفّذ فجر الأحد عملية تمشيط في منطقة أم صميمة الاستراتيجية بين ولايتي شمال وغرب كردفان، قبل التقدم نحو مدينة الخوي.
الوضع الإنساني: تحذيرات أممية وتزايد أعداد النازحين
على صعيد الوضع الإنساني، حذر رئيس مفوضية السلم والأمن الأفريقي بانكولي أديولي من تدهور الوضع، خصوصًا في مدينة الفاشر بدارفور، داعيًا إلى تحرك عاجل لوقف الانتهاكات. وأكد أن حماية المدنيين وتعزيز آليات المساءلة أولوية للاتحاد الأفريقي، وأن السودان سيظل بندًا ثابتًا على جدول أعماله.
وأشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى أن أعمال العنف في شمال كردفان أدت إلى نزوح نحو 40 ألف شخص خلال أقل من شهر، إضافة إلى تهجير أكثر من 600 شخص في شمال وجنوب كردفان، وسط صعوبات كبيرة في الوصول إلى المناطق المتضررة.
وفي السياق، أوضح محمد الناير، الناطق باسم “حركة تحرير السودان/مجموعة عبد الواحد النور”، أن الوضع الإنساني في مناطق سيطرة الحركة “كارثي”، وأن 80% من النازحين مهددون بالمجاعة، مطالبًا بدعم دولي عاجل.
كما دعت مصادر طبية في منطقة طويلة إلى توسعة الخدمات الصحية، إذ لا يخدم المستشفى الوحيد هناك سوى أكثر من 1.5 مليون نازح.
وأكدت مفوضية العون الإنساني في ولاية النيل الأبيض استقبال أكثر من 16 ألف نازح جديد قادمين من شمال كردفان ودارفور، ليرتفع إجمالي عدد النازحين في الولاية إلى أكثر من مليوني شخص، في ظل موجات نزوح متزايدة من مناطق النزاعات.









