الانتعاش الاقتصادي والتعليم في شمال سوريا: نجاحات وتحديات بعد اتفاق مارس 2020


الانتعاش الاقتصادي والتعليم في شمال سوريا: جهود متزايدة رغم التحديات
في ظل الاستقرار النسبي الذي شهدته مناطق شمال سوريا بعد الاتفاق الذي تم التوصل إليه في مارس 2020، تسارعت وتيرة الأنشطة التجارية والصناعية والتعليمية في المنطقة. وقد شجع على هذا النمو إنشاء مدينتين صناعيتين في إدلب ومارع، والتي تستهدف جذب الصناعيين والمستثمرين والحرفيين، مما يسهم في توفير آلاف فرص العمل وتلبية احتياجات السوق من السلع والمشاريع الاستثمارية.
شهدت المنطقة أيضاً افتتاح مشاريع مثل “المولات” التجارية والمعامل، والتي تعمل على توفير فرص عمل للجامعيين، خاصةً من خريجي كليات الهندسة. يأتي ذلك بعد القمة التي عقدها الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين في موسكو يوم 5 مارس 2020، والتي أسفرت عن اتفاق لوقف إطلاق النار في إدلب وتأسيس ممر آمن بعمق 6 كيلومترات شمال وجنوب الطريق الدولي.
رغم هذه التطورات الإيجابية، تواجه المنطقة تحديات عديدة. تظل آلاف المخيمات التي يقطنها سكان تحت خط الفقر، وهم في بحث مستمر عن فرص عمل في ظل تقليص الدعم الأممي. وقد أبدى العديد من المستثمرين اهتماماً بفتح مشاريع في شمال سوريا، رغم المخاطر المرتبطة بعدم الاستقرار والقصف المستمر، بالإضافة إلى التحديات المرتبطة بمنافسة البضائع التركية والأوروبية.
وفي حديثه لـ”الجزيرة نت”، أشار التاجر حسام عبد العال إلى أن افتتاح معمله للكابلات الكهربائية في مدينة باب الهوى الصناعية كان خطوة تهدف إلى تلبية احتياجات السوق المحلية بعد وصول الكهرباء إلى المنطقة. ورغم أن قوات النظام دمرت مصنعه السابق في ريف حلب الغربي عام 2019، فإن المنتجات المحلية توفر جودة عالية وبأسعار تنافسية.
بدوره، أكد مدين رشيد، مدير “النافذة الواحدة” في مدينة باب الهوى، أن هدفهم هو جذب الاستثمارات إلى شمال سوريا من خلال تحسين بيئة الأعمال وزيادة الإنتاج المحلي، مما قد يساعد في تقليل الاعتماد على الاستيراد ويشجع المهجرين على العودة للاستثمار في وطنهم.
وأوضح حمدو الجاسم، مدير العلاقات العامة في وزارة الاقتصاد بحكومة الإنقاذ، أن المدينة الصناعية في المنطقة وفرت 15 ألف فرصة عمل مباشرة و10 آلاف غير مباشرة، مع تقديم تسهيلات للتجار والمستثمرين تشمل تخفيض الرسوم وإعفاء مواد غذائية من رسوم الدخول.
وفيما يتعلق بالاستقرار والأمن، قالت إدارة “مول الحمرا”، أحد أكبر المراكز التجارية في الشمال السوري، إن الاستقرار النسبي والأمن ساعدا في اتخاذ قرار الاستثمار في المنطقة رغم المخاطر المحتملة. وقد ساهم هذا المشروع في توفير أكثر من 700 فرصة عمل.
كما أشار مسؤولون في “مشروع الغيدق” إلى أن المشاريع الإنتاجية فتحت فرص عمل كبيرة، حيث تم توفير نحو 500 فرصة عمل في المول التجاري ومثلها في البناء، مع جذب 14 مستثمراً من سوريين وأتراك وأجانب.
من ناحية أخرى، شجع الاستقرار النسبي على تحسين قطاع التعليم، حيث أطلقت مبادرة “مسارات” للتعليم عن بعد برامج لتلبية احتياجات الطلاب المتسربين والمحرومين، وبلغ عدد المستفيدين 31,200 طالب. كما تم افتتاح جامعة “حلب الشهباء” إلى جانب جامعة إدلب، مع تقديم برامج دراسات عليا تشمل الماجستير والدكتوراه.
أما في مجال استقرار العملات، فقد ساعد قرار استبدال الليرة السورية بالليرة التركية على مكافحة السوق السوداء وتحقيق استقرار نسبي في سعر الصرف. ووفقاً لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، يعيش في المناطق المحررة حوالي 5.1 ملايين نسمة، يعاني 3.6 ملايين منهم من انعدام الأمن الغذائي، مع وجود مليونين في مخيمات النزوح ومليون طفل خارج المدرسة.