اقتصاد

الاقتصاد الإسباني يسجل بداية قوية في 2025 رغم التحديات الكهربائية والتضخم المرتفع

سجّل الاقتصاد الإسباني أداءً لافتاً في الربع الأول من عام 2025، مدفوعاً بالاستهلاك المحلي القوي، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.6% مقارنة بالربع السابق، وفقاً لبيانات رسمية نُشرت يوم الثلاثاء. وجاء هذا النمو متماشياً مع توقعات المحللين، ومقارباً لنسبة النمو المسجلة في الربع الأخير من عام 2024 والتي بلغت 0.7%.

لكن هذا الزخم الاقتصادي قد يتعرض لهزة عقب انقطاع واسع للتيار الكهربائي ضرب معظم أنحاء شبه الجزيرة الأيبيرية صباح الاثنين، وتسبب في شلل مؤقت في حركة الطيران والنقل العام في إسبانيا والبرتغال، فضلاً عن اضطرار المستشفيات إلى تقليص خدماتها الروتينية. ورغم عودة التيار تدريجياً بحلول مساء اليوم نفسه، فإن العديد من الأنشطة لم تُستأنف كالمعتاد حتى صباح الثلاثاء.

تضخم مفاجئ وتحديات نقدية

في سياق موازٍ، أظهرت بيانات أسعار المستهلكين أن معدل التضخم في إسبانيا استقر بشكل غير متوقع عند 2.2% خلال أبريل/نيسان، متجاوزاً الهدف المحدد من قبل البنك المركزي الأوروبي البالغ 2%، ومخالفاً لتقديرات معظم المحللين. وكشفت دراسة استقصائية للبنك المركزي الأوروبي أن توقعات الأسر في منطقة اليورو للتضخم خلال العام المقبل سجلت أعلى مستوى لها منذ نحو عام، مما يزيد من تعقيد مهمة تحقيق استقرار الأسعار.

آفاق إيجابية.. لكن مشروطة

ورغم التحديات، اعتبرت وكالة بلومبيرغ أن إسبانيا لا تزال من بين أفضل الاقتصادات أداءً في منطقة اليورو. فقد رفع صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي توقعاته لنمو الاقتصاد الإسباني إلى 2.5% لعام 2025، وهي زيادة لم تشمل أي اقتصاد رئيسي آخر في أوروبا باستثناء روسيا.

لكن وحدة “بلومبيرغ إيكونوميكس” حذّرت من أن انقطاع التيار الكهربائي قد يتسبب في تراجع الناتج المحلي الإجمالي للربع الحالي بنسبة تصل إلى 0.5%، رغم التوقعات بتعويض جزئي للخسائر مع عودة الطاقة تدريجياً. فقد استُعيدت القدرة التوليدية في العاصمة مدريد إلى نحو 100% صباح الثلاثاء، كما بدأت خدمات النقل الحضري في التعافي.

قوة في القطاعات الخدمية.. وتساؤلات حول الاستدامة

يستمد الاقتصاد الإسباني قوته بشكل رئيسي من قطاع الخدمات، مدعوماً بانتعاش السياحة بعد جائحة كورونا. غير أن البنك المركزي الإسباني أبدى مؤخراً مخاوف بشأن قدرة البلاد على الحفاظ على وتيرة نمو أعلى من شركائها الأوروبيين مثل فرنسا وألمانيا.

من جهتها، قالت الخبيرة الاقتصادية آنا أنداردي من “بلومبيرغ إيكونوميكس” إن “الاقتصاد الإسباني بدأ العام بقوة، لكن هناك مؤشرات على تباطؤ الزخم”، مشيرة إلى أن قوة اليورو وانقطاع الكهرباء قد تؤثر سلباً على الأداء في الفصول القادمة، لا سيما في ظل التصعيد الجمركي من جانب الولايات المتحدة.

السياق الأوروبي.. وأرقام متفاوتة

جاء نشر البيانات الاقتصادية الإسبانية قبل يوم من إعلان أرقام النمو في كبرى دول منطقة اليورو، حيث يُتوقع أن تسجل فرنسا نمواً طفيفاً بنسبة 0.1%، فيما ترجّح التوقعات أن تحقق ألمانيا وإيطاليا ومنطقة اليورو نمواً بنسبة 0.2%.

وفي المقابل، سجل اقتصاد بلجيكا نمواً بنسبة 0.4%، بينما قفز الناتج المحلي الإجمالي لإيرلندا بنسبة 3.2%، وهو ما يعكس طبيعة الاقتصاد الأيرلندي الذي يتسم بتقلبات حادة نتيجة وجود عدد كبير من الشركات متعددة الجنسيات.

بطالة عند أدنى مستوياتها منذ 15 عاماً

ورغم أن البطالة في إسبانيا سجلت ارتفاعاً هو الأكبر منذ 2013 خلال الربع الأول من العام، فإنها لا تزال عند أدنى مستوياتها منذ أكثر من 15 عاماً، حيث بلغت 11.4% مقارنة بـ12.3% في الفترة نفسها من العام الماضي.

رئيس الوزراء: “الوضع معقد لكن الصورة إيجابية”

في تصريحات أدلى بها الأسبوع الماضي، وصف رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز الوضع الاقتصادي بأنه “معقد للغاية”، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن “الصورة بالنسبة لإسبانيا إيجابية جداً”، مضيفاً أن البلاد “تنمو وتخلق وظائف بوتيرة لا مثيل لها داخل الاتحاد الأوروبي”.

إلا أن تقرير بلومبيرغ أشار إلى أن سانشيز يواجه تحديات سياسية داخلية، أبرزها غياب الأغلبية البرلمانية، وفشله في تمرير ميزانيتي 2024 و2025، إلى جانب الانتقادات التي وُجهت إليه بعد قراره زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي.

زر الذهاب إلى الأعلى