صحة

اكتشاف علمي غير مسبوق: مؤشر حيوي صغير في الدم قد يُحدث ثورة في تشخيص أمراض الكلى وحمايتها

في إنجاز طبي غير مسبوق على المستوى العالمي، نجح فريق من الباحثين في تحديد جزيء دقيق من الحمض النووي الريبي يُعرف باسم “مايكرو آر إن إيه” (microRNA)، يمكنه أن يوفر حماية فعالة للأوعية الدموية الدقيقة في الكلى، ويعزز من قدرتها الوظيفية عقب التعرّض لإصابات حادة.

ويُعد هذا الاكتشاف طفرة في مجال الطب الوقائي، خاصة في ظل غياب مؤشرات حيوية دقيقة يمكنها التحقق من صحة الأوعية الدقيقة وتنبؤ خطر الإصابة بالفشل الكلوي المزمن.

دور الأوعية الدقيقة في الكلى

تحتوي الكلى على ملايين الأوعية الدقيقة المسؤولة عن تصفية الفضلات من الدم وتزويده بالأوكسجين والعناصر الحيوية. وتؤدي الإصابات الناتجة عن انقطاع مؤقت في تدفق الدم (كما في حالات الجراحة أو الزرع) إلى تلف هذه الأوعية، مما يُفضي إلى تراجع خطير في وظائف الكلى.

ويُعد فقدان هذه الأوعية الدقيقة من أبرز المؤشرات المرافقة لتطور مرض الكلى المزمن، الأمر الذي يضع أهمية قصوى على وجود وسيلة موثوقة لتقييم حالتها مبكراً.

دراسة واعدة في جامعة مونتريال

أجريت الدراسة في جامعة مونتريال بكندا، ونُشرت نتائجها في دورية JCI Insight بتاريخ 22 مايو/أيار، وقد سلط الضوء عليها موقع EurekAlert العلمي المتخصص.

وصرّحت الدكتورة ماري جوزيه هيبرت، أخصائية أمراض الكلى وزراعة الأعضاء وأحد الباحثين المشاركين، بأن هذا المؤشر الحيوي المكتشف قد يسمح بتقييم مبكر لصحة الأوعية الدقيقة لدى مرضى زراعة الكلى، وتفادي التدهور المفاجئ في أدائها. وأضافت:

“نأمل أن يُستخدم هذا الاختبار قريباً في المستشفيات لتحديد المرضى المعرضين للخطر، مثل كبار السن أو من يخضعون لجراحات تتطلب وقفاً مؤقتاً لتدفق الدم”.

نتائج مبشّرة وتحول نحو العلاج الوقائي

من جانبه، أوضح الدكتور فرانسيس مينيولت، المشارك في إعداد الدراسة، أن الفريق لاحظ تغيرات في مستويات هذا المايكرو آر إن إيه في دم فئران مصابة بإصابات حادة في الكلى. وقد تم تأكيد النتائج لدى 51 مريضاً خضعوا لزراعة كلى ضمن مشروع البنك الحيوي الخاص بالجامعة.

المثير في الدراسة، بحسب مينيولت، أن حقن الفئران المصابة بهذا الجزيء الحيوي أدى إلى حماية الأوعية الدقيقة وتقليل الأضرار في الكلى، مما يفتح الباب أمام تطوير علاجات وقائية تُستخدم أثناء الجراحات الكبرى، لا سيما عمليات الزرع.

ورغم أن الحقن المباشر في الكلى قد يكون ملائماً أثناء الجراحة، يسعى الباحثون حالياً إلى ابتكار تقنيات توصيل بديلة أكثر ملاءمة للاستخدام السريري الواسع.

آفاق واعدة تتجاوز أمراض الكلى

لا تقتصر أهمية هذا الاكتشاف على أمراض الكلى فقط، بل قد يمتد أثره إلى حالات مرضية أخرى مثل قصور القلب، وأمراض الرئة المزمنة، وبعض الاضطرابات العصبية التنكسية، حيث يُعتقد أن فقدان الأوعية الدقيقة يلعب فيها دوراً محورياً، لاسيما في سياق الشيخوخة الطبيعية أو المتسارعة.

واختتمت الدكتورة هيبرت بالقول:

“هذا المؤشر الحيوي يمثل أملاً حقيقياً لحماية الصحة العامة، وقد يكون له أثر بالغ في تحسين جودة الحياة للملايين من الكنديين وربما مستقبلاً للمرضى في أنحاء العالم”.

زر الذهاب إلى الأعلى