صحة

اكتشاف دواء جديد يستهدف سرطانات الرأس والرقبة بتقنية مزدوجة لتدمير الخلايا السرطانية

كشف باحثون عن دواء مبتكر قد يصبح أداة قوية لمواجهة سرطانات الرأس والرقبة، حيث يعمل الدواء على مهاجمة الخلايا السرطانية من الداخل عبر إتلاف الميتوكوندريا، وهي مصانع الطاقة الأساسية داخل الخلايا.

وأجرى الدراسة باحثون في مركز هولينغز للسرطان بجامعة مسيسيبي، ساوث كارولينا، الولايات المتحدة، ونُشرت النتائج في مجلة Cancer Research بتاريخ الأول من سبتمبر/أيلول، وأبرزها موقع يوريك أليرت.

استهداف سرطان الخلايا الحرشفية

يهدف الباحثون إلى كبح نمو سرطان الخلايا الحرشفية في الرأس والرقبة، وهو نوع عدواني يتطور في الخلايا المبطنة للأنف والفم والحلق. ويُعرف هذا السرطان بمقاومته للعلاج الحالي، حيث يعاود الظهور لدى العديد من المرضى، إضافةً إلى أن العلاجات المتوفرة غالبًا ما تُلحق أضرارًا بالخلايا السليمة مسببة آثارًا جانبية منهكة.

تطوير مركب إل سي إل 768

طوّر الفريق مركبًا جديدًا يُعرف باسم LCL768، وهو شكل مصنّع من السيراميد، وهو جزيء دهني طبيعي داخل الخلايا. وتلعب السيراميدات دورًا مهمًا في وظائف الخلايا السليمة وتحفيز موت الخلايا تحت الضغط. وتعاني خلايا معظم سرطانات الرأس والرقبة من نقص في هذا النوع من الدهون، ما يعزز نمو الأورام العدوانية.

يعتمد الدواء على قدرته على زيادة مستويات سيراميد محدد يسمى “سيراميد C18” داخل الميتوكوندريا في الخلايا السرطانية، ما يؤدي إلى تعطيل قدرتها على توليد الطاقة اللازمة للبقاء والنمو.

آلية الهجوم المزدوج

تبدأ عملية تسمى الالتهام الذاتي للميتوكوندريا (mitophagy) عندما ترتفع مستويات سيراميد C18، حيث تقوم الخلايا بإزالة الميتوكوندريا التالفة أو غير الضرورية. وبما أن نمو الخلايا السرطانية يعتمد بشكل كبير على الميتوكوندريا، فإن تدميرها يؤدي إلى نفاد الطاقة وموت الخلايا السرطانية.

وأوضح الدكتور بسيم أوغريتمن، المدير المساعد للعلوم الأساسية في هولينغز وقائد الدراسة:

“يقوم إل سي إل 768 بقطع إمداد الخلايا السرطانية بالطاقة، فبمجرد اختفاء الميتوكوندريا، تصبح الخلايا غير قادرة على النمو أو البقاء على قيد الحياة”.

كما يقوم الدواء بتعطيل مسار أيضي رئيسي عبر حجب الفومارات (fumarate)، وهو جزيء أساسي في دورة إنتاج الطاقة داخل الخلية. ومن دون الفومارات، تضعف قدرة الخلايا السرطانية على توليد الطاقة. ويؤدي الجمع بين تراكم سيراميد C18 ونضوب الفومارات إلى هجوم مزدوج فعال ضد الخلايا السرطانية.

نتائج الاختبارات المخبرية والحيوانية

اختبر الفريق إل سي إل 768 على نماذج فئران مصابة بسرطان الرأس والرقبة وأورام مزروعة في المختبر من أنسجة مرضى حقيقية. وأظهرت النتائج زيادة كبيرة في مستويات سيراميد C18 داخل الميتوكوندريا، مع علامات واضحة على الالتهام الذاتي والانهيار الأيضي، ما أدى إلى تباطؤ نمو الورم.

كما أثبتت التجارب أن إمداد الخلايا بالفومارات عكس تأثيرات الدواء تقريبًا، ما أدى إلى تسريع نمو الأورام، مؤكدًا أهمية الآلية المزدوجة التي يعتمد عليها إل سي إل 768 في قتل الخلايا السرطانية.

توضح هذه النتائج إمكانية استخدام إل سي إل 768 كخيار علاجي واعد يستهدف الخلايا السرطانية على أكثر من جبهة، مع تقليل الضرر على الخلايا السليمة مقارنة بالأساليب التقليدية.

زر الذهاب إلى الأعلى