اضطرابات الغدد الجارات الدرقية: الأسباب، الأعراض، وطرق العلاج

يعاني بعض الأشخاص من اضطرابات في الغدد الجارات الدرقية، مثل فرط النشاط أو القصور، ما يؤدي إلى أعراض صحية متعددة أبرزها: التشنجات العضلية، اضطرابات ضربات القلب، وضعف العظام. فما هي هذه الغدد؟ وما أبرز أمراضها؟ وكيف يمكن علاجها؟
ما هي الغدد الجارات الدرقية؟
الغدد الجارات الدرقية هي غدد صماء صغيرة جداً تقع خلف الغدة الدرقية في الرقبة، ويتراوح عددها عادة بين 4 غدد. وتقوم بإفراز “الهرمون الدُّرَيْقي” (PTH) الذي يلعب دوراً محورياً في تنظيم مستوى الكالسيوم في الدم والعظام، من خلال تأثيره على العظام، الكلى، والجهاز الهضمي.
ووفقاً للدكتور فوزات الشناق، استشاري الغدد الصماء والسكري، فإن وزن هذه الغدد لا يتعدى حجم حبّة الأرز، إذ يبلغ نحو 30 ملغ لدى الرجال و35 ملغ لدى النساء.
أبرز الاضطرابات التي تصيب الغدد
أولاً: فرط نشاط الغدد الجارات الدرقية
يحدث نتيجة:
- نقص فيتامين “د” أو الكالسيوم في النظام الغذائي
- سوء امتصاص الكالسيوم في الأمعاء
- أمراض الكلى أو استخدام أدوية تؤثر على العظام
- وجود ورم (غالبًا حميد) في إحدى الغدد
- أسباب وراثية نادرة مثل متلازمة الورم الصماوي المتعدد
ثانياً: قصور الغدد الجارات الدرقية
ومن أبرز أسبابه:
- جراحات الرقبة مثل استئصال الغدة الدرقية
- أمراض المناعة الذاتية
- انخفاض المغنيسيوم في الدم
- العلاج الإشعاعي أو استخدام اليود المشع
- وجود خلل خلقي أو وراثي
الأعراض المصاحبة
فرط النشاط يؤدي إلى:
- ارتفاع الكالسيوم في الدم
- هشاشة العظام وتكوّن حصى الكلى
- تعب، آلام في المفاصل، اضطرابات القلب
- جفاف، عطش شديد، تبول مفرط
- اضطرابات عقلية وعصبية
أما القصور فيؤدي إلى:
- انخفاض الكالسيوم وارتفاع الفسفور
- وخز في الشفتين والأطراف
- تشنجات عضلية في الوجه واليدين
- تساقط الشعر، هشاشة الأظافر
- جفاف الجلد، الاكتئاب، اضطرابات الدورة الشهرية
التشخيص
يشمل:
- الفحص السريري لاكتشاف التشنجات
- تحاليل الدم لقياس الكالسيوم، الفسفور، المغنيسيوم، والهرمون الدُّرَيْقي
- تحليل إنزيم الفوسفاتاز القلوي
- التصوير التلفزيوني أو النووي لتحديد وجود ورم أو تضخم
طرق العلاج
- فرط النشاط: العلاج الجراحي لاستئصال الغدة المتضخمة هو الحل الأمثل. في حال تعذر الجراحة، يُستخدم دواء “سيناكالسيت” (Cinacalcet) لتقليل إفراز الهرمون.
- القصور: يُعالج بإعطاء مكملات الكالسيوم وفيتامين “د” النشط (ألفاكالسيدول)، وفي بعض الحالات النادرة، يُستخدم الهرمون الدُّرَيْقي الصناعي بحقن تحت الجلد، رغم ارتفاع كلفته.
وأكد الدكتور الشناق أهمية التشخيص المبكر والعلاج السريع لتجنّب المضاعفات الخطيرة مثل التشنجات ومشاكل القلب والعظام والكلى.
التدخل الجراحي: متى يكون ضرورياً؟
بحسب الدكتور سهيل يوسف بكّار، اختصاصي جراحة الغدة الدرقية والغدد الصماء، فإن فرط إفراز الهرمون نتيجة ورم حميد في غدة واحدة يُعد من أبرز الحالات التي تستدعي تدخلاً جراحياً، ويشكل ذلك نحو 90% من الحالات.
تطوّر في العمليات الجراحية
يوضح بكّار أنه بفضل التقنيات الحديثة في التصوير التلفزيوني والنووي، بات بالإمكان تحديد الغدة المصابة بدقة تصل إلى 85%، مما يسمح بإجراء عمليات جراحية محدودة التدخل بدلاً من الفتح الجراحي الواسع.
“نقوم اليوم بالجراحة من خلال جرح تجميلي صغير في الرقبة، أو عبر الفم باستخدام المنظار، ما يقلل الندوب ويسرّع الشفاء”، يقول بكّار.
مضاعفات نادرة ونسبة نجاح مرتفعة
نسبة نجاح الجراحة تتجاوز 98%، مع مضاعفات نادرة تشمل:
- إصابة مؤقتة للعصب الصوتي (أقل من 1%)
- نزيف نادر
- انخفاض مؤقت في الكالسيوم بسبب “متلازمة العظم الجائع”
فترة التعافي
- يستطيع المريض العودة لحياته الطبيعية خلال يومين فقط بعد الجراحة إذا كانت محدودة التدخل.
- يُراقب مستوى الكالسيوم بعد العملية، وقد تُوصف مكملات مؤقتة.
- متابعة وظائف الكلى والعظام ضرورية للتأكد من الشفاء التام.
وأكد بكّار أن التحسن يظهر فوراً بعد الجراحة، حيث يشعر المريض بانخفاض آلام العظام وتحسن حالته الذهنية بعد الاستيقاظ من التخدير، ما يجعل هذه الجراحة حلاً فعالاً يحسّن جودة الحياة بشكل كبير.