اتفاق لوقف إطلاق النار في السويداء وانسحاب الجيش السوري وسط تأكيدات على إعادة الاستقرار

أكد مسؤول سوري رفيع التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في محافظة السويداء، بهدف إعادة الاستقرار إلى المدينة وتأمين عودة الأهالي، فيما أعلنت وكالة الأنباء السورية (سانا) بدء انسحاب وحدات من الجيش السوري من المدينة، تطبيقاً للاتفاق.
وأوضح مدير العلاقات العامة في وزارة الدفاع، في تصريح للجزيرة، أن الدولة تعمل على تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع مشايخ العقل في السويداء، مشيراً إلى التزام الطرفين بتنفيذه، وقال: “نُعَوّل على جدية مشايخ العقل وحسهم الوطني”.
من جهته، أفاد مصدر بوزارة الداخلية بأن الاتفاق يتضمن وقفاً شاملاً لإطلاق النار، ونشر حواجز أمنية ضمن خطة لإعادة دمج السويداء بشكل كامل في إطار الدولة السورية، وفق ما نقلته “سانا”. كما أكد المصدر إخلاء المدينة من العناصر التي تصنفها الدولة على أنها “خارجة عن القانون”.
وفي سياق تنفيذ الاتفاق، أعلنت “سانا” بدء انسحاب القوات العسكرية من المدينة بعد انتهاء مهمتها في ملاحقة المجموعات المسلحة. وأكدت مصادر محلية للجزيرة انسحاب بعض الآليات الثقيلة للجيش، ودخول سيارات تابعة لقوى الأمن الداخلي إلى داخل المدينة.
الشيخ جربوع: “اندماج كامل للسويداء”
وعلّق شيخ عقل طائفة الدروز، يوسف جربوع، على الاتفاق بالقول: “بعد الأحداث الأليمة في السويداء، أجرينا تواصلاً مباشراً مع الدولة السورية، وتم التوصل إلى اتفاق يشمل وقفاً تاماً لجميع الأعمال العسكرية من كافة الأطراف، ويؤسس لاندماج كامل للسويداء ضمن الدولة”.
ويأتي الاتفاق بعد تجدد الاشتباكات صباح اليوم بين القوات السورية ومجموعات مسلحة داخل المدينة، حيث سجلت عمليات قصف متقطعة في عدة أحياء وسط السويداء.
وكانت إدارة الإعلام في وزارة الدفاع قد أعلنت للجزيرة مواصلة قواتها عمليات التمشيط في المنطقة، مشيرة إلى سيطرتها على أجزاء واسعة من الريف الغربي، فيما لم تدخل بعد إلى الريف الشرقي. كما تم فتح ممرات آمنة للمدنيين بالتنسيق مع قوى الأمن الداخلي، وذلك ضمن جهود تأمين المناطق المتضررة واستعادة الأمن تمهيداً لعودة مؤسسات الدولة.
الرئاسة السورية: محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات
في بيان رسمي، أكدت الرئاسة السورية التزامها الكامل بالتحقيق في الأحداث التي شهدتها السويداء، ومحاسبة كل من ثبت تورطه في أي انتهاكات، معتبرة أن “السلوكيات الإجرامية لا يمكن تبريرها تحت أي ظرف، وهي مرفوضة بشكل قاطع”.
وشدد البيان على أن الدولة تتابع عن كثب “الانتهاكات المؤسفة” التي طالت بعض المناطق، وأكد أن “حقوق أهالي السويداء مصونة، ولن يُسمح لأي جهة بالمساس بأمنهم واستقرارهم”. كما جددت الرئاسة التأكيد على أن الحفاظ على الأمن والاستقرار في كافة المناطق السورية يبقى أولوية قصوى للدولة.
العثور على جثث وعرقلة المساعدات
وفي تطور مأساوي، أعلنت وزارة الصحة السورية العثور على عشرات الجثث في المستشفى الوطني بالسويداء، تعود لمدنيين وعناصر من قوات الأمن، في حين اتهم وزير الصحة السوري الطيران الإسرائيلي بعرقلة وصول قافلة طبية إلى المحافظة، عبر استهداف المركبات المتجهة نحوها.
وكانت القوات السورية قد دخلت إلى مدينة السويداء ذات الأغلبية الدرزية أول أمس الثلاثاء، للإشراف على تنفيذ وقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه مع وجهاء المدينة، عقب مواجهات عنيفة مع قبائل بدوية أودت بحياة العشرات.
وأفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بأن ما لا يقل عن 169 شخصاً قُتلوا في السويداء منذ 13 يوليو/تموز، بينهم 5 أطفال و6 نساء، فيما أصيب أكثر من 200 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.
غارات إسرائيلية وتوتر متصاعد
وفي تطور ميداني خطير، شنت الطائرات الإسرائيلية غارات على مواقع في محافظتي السويداء ودمشق، استهدفت مبنى هيئة الأركان العامة ووزارة الدفاع ومحيط القصر الرئاسي. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن “رسائل التحذير إلى دمشق انتهت”، متوعداً بشن “ضربات موجعة”.
ويأتي هذا التصعيد بعد تصريحات إسرائيلية أكدت فيها “عدم التخلي عن الدروز”، ودعت إلى حمايتهم، وسط تصاعد التوتر الإقليمي وتزايد الضغوط العسكرية والسياسية على دمشق.