صحة

ابتكار دواء يجمع 4 هرمونات لتحفيز فقدان الوزن وعلاج أمراض مزمنة

في خطوة علمية واعدة، نجح فريق من الباحثين بجامعة تافتس الأميركية في دمج أربعة هرمونات رئيسية في مركب دوائي واحد، يهدف إلى تقليل الوزن ومعالجة الأمراض المرتبطة بالسمنة مثل السكري من النوع الثاني، والسرطان، وأمراض القلب والأوعية الدموية. ويأمل العلماء أن يكون لهذا الدواء فعالية محسّنة مع آثار جانبية أقل مقارنة بالعلاجات الحالية.

نُشرت نتائج الدراسة في 3 يونيو/حزيران 2025 في مجلة الجمعية الكيميائية الأميركية Journal of the American Chemical Society، ونقلها موقع EurekAlert المتخصص في الأخبار العلمية.

آلية عمل الهرمونات

يعتمد الجسم على مجموعة من الإشارات الهرمونية للتنظيم الغذائي ومستوى الغلوكوز في الدم. من بين هذه الهرمونات، يبرز “الببتيد الشبيه بالغلوكاغون-1” (GLP-1) الذي يحفز إفراز الإنسولين ويعزز امتصاص الغلوكوز في الأنسجة، ما يساعد على خفض مستوى السكر في الدم بعد تناول الطعام. كما يعمل هذا الببتيد على تقليل الشهية وتأخير إفراغ المعدة، ما يساهم بدوره في الشعور بالشبع.

وقد بنيت العديد من أدوية السكري والسمنة الحديثة على هذا الهرمون، أبرزها دواء “أوزمبيك” (Ozempic)، الاسم التجاري لمادة “سيماغلوتيد”، الذي حاز توصيات الجمعية الأميركية للسكري كخيار علاجي من الدرجة الأولى قبل اللجوء إلى الإنسولين.

تحديات الأدوية الحالية

رغم فعالية ناهضات GLP-1 في خفض مستويات السكر والوزن، إلا أن استخدامها يواجه تحديات عملية، منها ضرورة الحقن الأسبوعي وآثار جانبية شائعة مثل الغثيان، ما يدفع حوالي 40% من المستخدمين للتوقف عن العلاج خلال الشهر الأول.

تطوير مركبات كيميرية

في محاولة لتجاوز هذه التحديات، طوّر الباحثون دواءً يجمع بين تأثير ثلاثة هرمونات هي: GLP-1، و”الببتيد الإنسوليني المعتمد على الغلوكوز” (GIP)، و”الغلوكاغون”. هذا الدمج يتيح تحقيق توازن بين خفض الشهية وزيادة حرق الطاقة. ويُعرف هذا المركب حاليا باسم “ريتراتروديد” (Retatrutide)، ويخضع لتجارب سريرية تُظهر نتائج واعدة في فقدان الوزن.

يوضح الدكتور كريشنا كومار، أحد القائمين على الدراسة، أن “دمج هذه الهرمونات في ببتيد واحد يعزز فعاليتها ويقلل من الآثار الجانبية، وهو ما يقربنا من تحقيق نتائج تضاهي جراحة السمنة التي تؤدي عادة إلى فقدان وزن يصل إلى 30%.”

إضافة الهرمون الرابع: PYY

لتحقيق أقصى فعالية، أضاف الفريق البحثي هرموناً رابعاً هو “الببتيد واي-واي” (PYY)، والذي تفرزه الأمعاء بعد تناول الطعام، ويعمل بآلية مختلفة لتقليل الشهية وإبطاء حركة المعدة، مما يساهم في تعزيز الشعور بالشبع وزيادة حرق الدهون.

ونظرًا لاختلاف التركيب البنيوي لهذا الهرمون عن باقي الهرمونات الثلاثة، واجه العلماء تحديًا كبيرًا في دمجه. لكنهم تمكنوا من ابتكار ببتيد مركب ثنائي الأجزاء يحقق هذا الغرض، ما يجعل الدواء الجديد “رباعي الوظائف” ويتميز باستهدافه لأربعة مستقبلات هرمونية مستقلة في آن واحد.

مميزات النهج الرباعي

يشير الباحث المشارك مارتن بينبورن إلى أن التباين في الاستجابة الفردية للهرمونات يمثل أحد أبرز عيوب الأدوية الحالية، ويقول: “من خلال استهداف أربعة مستقبلات مختلفة، نأمل في تحسين نتائج العلاج وتجاوز تفاوت الاستجابة بين المرضى”.

كما يؤكد على ضرورة دعم هذا العلاج بتغييرات في نمط الحياة للحفاظ على النتائج، لافتًا إلى أن الدراسات الحديثة تشير إلى تأخر استعادة الوزن بعد التوقف عن استخدام أدوية الببتيد المتطورة، مما يعزز فرص فقدان الوزن الدائم عند استخدام الأدوية متعددة الكيميرا.

نظرة مستقبلية

يسعى الفريق العلمي في جامعة تافتس إلى تطوير علاج دوائي يمكن أن يحاكي نتائج جراحة السمنة دون الحاجة إلى تدخل جراحي. ويأمل الباحثون أن يتم اعتماد هذا النهج الرباعي في المستقبل القريب كمعيار ذهبي جديد لعلاج السمنة المزمنة والأمراض المرتبطة بها.

زر الذهاب إلى الأعلى