ابتكار ثوري لعلاج السكري باستخدام حبر حيوي مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد

في خطوة علمية واعدة، تمكن باحثون من جامعة بوهانغ للعلوم والتكنولوجيا في كوريا الجنوبية من تطوير تقنية مبتكرة لعلاج مرض السكري، تعتمد على استخدام حبر حيوي مستخلص من أنسجة البنكرياس وتقنية الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد. وقد نُشرت نتائج الدراسة في مجلة Nature Communications، وتناولها موقع EurekAlert العلمي.
يعتمد الابتكار الجديد على إعادة إنتاج البيئة الدقيقة المحيطة بخلايا جزر لانغرهانس داخل البنكرياس، وهي الخلايا المسؤولة عن إفراز الإنسولين وتنظيم مستوى السكر في الدم. وتُعد هذه البيئة ضرورية لضمان عمل هذه الخلايا بكفاءة، الأمر الذي شكّل تحديًا كبيرًا أمام الباحثين في محاولاتهم لإنتاجها معمليًا.
التحدي البيولوجي والتقني
رغم أن الخلايا الجذعية تُعد مصدرًا واعدًا لتوليد خلايا جزر لانغرهانس، فإن محاكاة البيئة الدقيقة لتلك الخلايا، بما في ذلك شبكة الأوعية الدموية الدقيقة والداعمة، ظلّ عقبة رئيسية أمام الاستفادة منها في علاج السكري.
الطباعة الحيوية: محاكاة دقيقة لبنية البنكرياس
الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد، وهي تقنية تقوم على ترتيب الخلايا والمواد الحيوية بطريقة تحاكي البنية الحقيقية للأنسجة، كانت هي الحل الذي اعتمده فريق الباحثين. حيث طوروا حبرًا حيويًا خاصًا يحتوي على بروتينات مستخلصة من أنسجة البنكرياس، ليحاكي البيئة الدقيقة حول خلايا جزر لانغرهانس، وسموه “المصفوفة خارج الخلوية الشبيهة بالبيئة المحيطة بالجزر” أو اختصارًا PINE.
وباستخدام هذا الحبر الحيوي وتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، نجح الفريق في بناء نموذج نسيجي يُحاكي نسيج البنكرياس، سُمّي HICA-V (تجمعات الخلايا الشبيهة بجزر لانغرهانس البشرية مع الأوعية الدموية). وقد تضمن هذا النموذج خلايا مشتقة من الخلايا الجذعية مرتبة بدقة بجانب هياكل وعائية تحاكي الأوعية الدموية الحقيقية في البنكرياس.
نتائج واعدة على طريق العلاج
أظهرت الخلايا المزروعة داخل هذا النموذج قدرة عالية على إنتاج الإنسولين، وأبدت خصائص وظيفية مطابقة تقريبًا لخلايا جزر لانغرهانس الطبيعية. كما أظهرت هذه الخلايا استجابات مشابهة لتلك التي تلاحظ في حالات الإصابة بمرض السكري، مما يثبت فاعلية النموذج في محاكاة الواقع البيولوجي.
مستقبل واعد لأبحاث السكري
علّقت البروفيسورة جينا جانغ، المشاركة في إعداد الدراسة، قائلة:
“التقنية المطورة تُحاكي بدقة التركيب البنيوي والوظيفي للبنكرياس البشري، وتوفر بيئة مثالية لنضوج خلايا جزر لانغرهانس المشتقة من الخلايا الجذعية. من المتوقع أن تسهم هذه التقنية في دفع أبحاث السكري إلى الأمام، وتُسرّع من تطوير أدوية جديدة وتحسّن من فعالية زراعة الخلايا العلاجية.”
بهذا الابتكار، يُفتح أفق جديد أمام علاج مرض السكري، ويُقرّب العلماء من إمكانية استبدال الخلايا التالفة بأخرى مصممة معمليًا تؤدي الدور ذاته بكفاءة عالية.