ثقافة

إصلاح التعليم في موريتانيا: رحلة طويلة نحو الجودة والهوية

منذ الاستقلال عام 1960، خاضت موريتانيا سلسلة من الإصلاحات التربوية الهادفة إلى بناء منظومة تعليمية قادرة على تلبية حاجات الدولة الوليدة، ثم حاجات المجتمع المتحول، لكن هذه الإصلاحات تراوحت بين الطموح النظري والتعثر العملي. فما أبرز هذه الإصلاحات؟ وما أكثرها نجاعة؟ وهل لا تزال المنظومة التعليمية بحاجة
المدة: 1973 – 1980

الهدف: تعريب المناهج وتحقيق السيادة اللغوية والتربوية.

السمات:

إدخال العربية كلغة تدريس في التعليم الأساسي والثانوي.

تدريب معلمين جدد ناطقين بالعربية.

النجاعة:
عالية من حيث الهوية والانتماء الوطني.

ضعف التنفيذ: نقص في المعلمين والأدوات والمراجع.

النتائج: بروز نظام مزدوج بين التعليم العربي والفرنسي، ما خلق هوة بين المخرجات.

  1. إصلاح 1999: 2009 وحدة المناهج.

الهدف: توحيد المناهج في التعليم الأساسي وإلغاء الازدواجية اللغوية.

السمات:

دمج العربية والفرنسية منذ السنوات الأولى.

اعتماد برنامج موحد لجميع التلاميذ.

التقييم:

النجاعة: متوسطة.

خطوة جيدة نحو الإنصاف، لكن نقص التكوين وازدواجية التنفيذ أضعفا الأثر.

الفشل: غموض في الهوية التربوية وعدم الاستقرار في اللغة المرجعية.

  1. إصلاح 2010 – 2020: التكوين والجودة

الهدف: تحسين نوعية التعليم وتكوين المدرسين.

السمات:

مراجعة شاملة للبرامج.

دعم التعليم الفني والمهني.

مشاريع الشراكة مع البنك الدولي واليونسكو.

النجاعة:

جيدة على مستوى التشخيص.

ضعيفة في التطبيق: نقص البنية التحتية وهشاشة التكوين المستمر.

النتائج: تحسن نسبي في التمدرس، مع استمرار ضعف الكفاءة الداخلية والخارجية.

  1. الإصلاح الجاري بعد 2021: إصلاح المنظومة من الجذور

المدة: 2021 – الآن

الهدف: بناء مدرسة جمهورية شاملة.

السمات:

مجانية التعليم الأساسي.

توحيد الزي المدرسي.

خطة وطنية لتجهيز المدارس وتوظيف المعلمين.

التقييم:

لا يزال في طور التنفيذ.

إشارات إيجابية، خصوصاً في توسيع الولوج إلى التعليم، لكن تبقى التحديات في الجودة والاستدامة.

ثانيًا: هل تحتاج المنظومة التعليمية لإصلاح جديد؟

رغم كثرة الإصلاحات، لم تصل المنظومة التعليمية بعد إلى أهدافها التنموية والتربوية. وما يزال القطاع يعاني من:

ضعف التكوين الأساسي للمدرسين.

تفاوت صارخ بين الريف والحضر في فرص التعليم.

مناهج غير مواكبة لسوق العمل ولا الواقع المحلي.

نسب تسرب مرتفعة في التعليم الأساسي.

غياب ثقافة التقويم والشفافية في الأداء المدرسي.

ثالثًا: أسس الإصلاح التربوي الحقيقي في موريتانيا

  1. تحديد هوية تربوية واضحة

حسم مسألة لغة التعليم: اعتماد نموذج لغوي ثنائي متوازن يحترم الهوية ويخدم الكفاءة.

  1. تحسين تكوين المعلمين

تحديث مدارس تكوين المعلمين.

دعم التكوين المستمر في التقنيات التربوية الحديثة.

  1. دمج التكنولوجيا في التعليم

إدخال التعليم الرقمي تدريجياً.

تجهيز المدارس بالوسائط الحديثة في جميع الولايات.

  1. مراجعة المناهج

التركيز على المهارات الأساسية: التفكير النقدي، الحساب، اللغة.

إدماج التربية المدنية والقيم الوطنية.

  1. ربط التعليم بسوق العمل

تعزيز التعليم الفني والمهني.

بناء شراكات مع القطاع الخاص لتوجيه التكوين نحو احتياجات الاقتصاد.

  1. تقييم دوري وشفاف

إنشاء هيئة مستقلة لتقويم أداء المؤسسات التعليمية.

نشر نتائج التعليم وتقارير الجودة بانتظام.

خاتمة

إن التعليم هو رافعة التنمية وأساس الدولة المدنية. ورغم المحاولات الإصلاحية المتعددة التي شهدتها موريتانيا، لا تزال الحاجة قائمة لبناء نظام تعليمي متين يدمج الهوية والكفاءة والعدالة. ولن يكون ذلك ممكناً إلا بإرادة سياسية جادة، ومشاركة مجتمعية واعية، ورؤية تربوية واضحة تمتد لعقود لا لسنوات فقط.

زر الذهاب إلى الأعلى