اقتصاد

أوغندا تتجه نحو عجز مالي أكبر وسط مفاوضات جديدة مع صندوق النقد الدولي

تتوقع أوغندا زيادة عجز الموازنة في وقت تخوض فيه مفاوضات مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج تمويلي جديد بقيمة 674.5 مليون دولار. ويأتي ذلك في ظل ضغوط الصندوق الرامية إلى خفض العجز الذي يقدَّر حالياً بنحو 7.6% من الناتج المحلي الإجمالي، بعد اتساعه نتيجة ضعف الإيرادات وارتفاع الإنفاق خلال السنوات الأخيرة.

وتقول الحكومة الأوغندية إن العجز سجّل 5.7% في السنة المالية 2024/2025 التي انتهت في يونيو/حزيران 2025، لكنه ارتفع منذ ذلك الحين، ما دفع إدارة الرئيس يويري موسيفيني إلى الاعتماد المتزايد على الاقتراض المحلي مع تراجع التمويل الميسر من الخارج.

وأكد محافظ بنك أوغندا، مايكل أتينغي إيغو، أن خفض العجز بسرعة قد يتعارض مع خطط النمو الحكومية، موضحاً خلال حديثه مع “ذي أفريكا ريبورت” على هامش القمة المالية الأفريقية في الدار البيضاء أن الحكومة تتبنى إستراتيجية نمو طموحة تسعى إلى مضاعفة الاقتصاد، ما يتطلب مرونة أكبر في إدارة العجز.

إستراتيجية النمو ورؤية 2040

تعتمد أوغندا في رؤيتها الاقتصادية طويلة الأمد (رؤية 2040) على تطوير قطاعات التصنيع الزراعي، والسياحة، والمعادن، والعلوم والتكنولوجيا، بهدف الوصول إلى اقتصاد تبلغ قيمته 500 مليار دولار بحلول عام 2040. ويشير المحافظ إلى أن لدى البلاد تدفقاً جيداً من التمويل من البنك الدولي، مع سعي كمبالا للحصول على 475 مليون وحدة حقوق سحب خاصة لدعم خططها التنموية.

وتجري الحكومة أيضاً محادثات لإبرام تسهيل ائتماني ممتد جديد مع صندوق النقد الدولي، بعد انتهاء اتفاقية 2021 التي حصلت خلالها على نحو 870 مليون دولار. ومن المتوقع التوصل إلى اتفاق نهائي بعد انتخابات 2026.

تحديات خفض العجز والضرائب

يتطلب تقليص العجز المالي خفض الإنفاق العام وتعزيز الإيرادات، بما في ذلك زيادة الضرائب وتوسيع القاعدة الضريبية. لكن هذه الإجراءات تواجه معارضة شعبية لما لها من تأثير مباشر على مستويات الأسعار والنشاط الاقتصادي، خاصة في ظل ضعف الأداء في قطاعات التجارة والصناعة والخدمات.

كما يواجه الاقتصاد الأوغندي ظروف تمويل أكثر صرامة وارتفاعاً في التكلفة، مع وصول الدين العام إلى نحو 31.5 مليار دولار — ما يعادل 51.2% من الناتج المحلي الإجمالي — وسط محدودية الدعم الخارجي للمشاريع والميزانية.

مخاطر الدين وتدهور الوضع المالي

يصنّف صندوق النقد الدولي مخاطر تعرض أوغندا لضائقة الديون بأنها “متوسطة”، وهو ما يعني أن الديون يمكن إدارتها، لكن قدرة البلاد على امتصاص الصدمات الاقتصادية تظل محدودة. وقد وُجه جزء كبير من الاقتراض في السنوات الأخيرة نحو تطوير البنية التحتية النفطية، إضافة إلى مشاريع الطرق والمطارات والسكك الحديدية.

وفي أعقاب زيارة بعثة التقييم إلى كمبالا برئاسة جيسمين رحمن، أعرب صندوق النقد عن قلقه من “تدهور ملحوظ” في الوضع المالي للدولة نتيجة ارتفاع الإنفاق الجاري، لافتاً إلى أن مدفوعات الفوائد تستنزف قرابة ثلث الإيرادات المحلية.

الاحتياطيات الأجنبية واستقرار العملة

تشكل إعادة بناء احتياطيات النقد الأجنبي أحد الشروط الأساسية لاستمرار المحادثات مع الصندوق. وقد ارتفعت الاحتياطيات إلى 4.3 مليارات دولار في يونيو/حزيران، بدعم من مشتريات الدولار من قبل البنك المركزي، لكنها لا تزال دون المعيار الإقليمي الذي يتطلب احتياطيات تغطي 4 أشهر على الأقل من الواردات.

وتعتبر هذه الاحتياطيات ضرورية لحماية الشلن الأوغندي واستيفاء الالتزامات الخارجية، مع توقعات بتحسنها في حال بدء تصدير النفط خلال السنوات المقبلة.

بهذه المعطيات، تبدو أوغندا أمام مرحلة مالية دقيقة تتطلب تحقيق توازن بين ضرورة الإصلاح المالي وضمان استمرارية النمو الاقتصادي، في ظل مفاوضات حساسة مع صندوق النقد الدولي ستحدد ملامح سياستها الاقتصادية للسنوات المقبلة.

زر الذهاب إلى الأعلى