أوروبا تتأهب لتداعيات الحرب الاقتصادية بين أميركا والصين بعد قيود بكين على المعادن النادرة

بينما تتصاعد الحرب الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، دخلت أوروبا على خط القلق بشأن انعكاساتها على الصناعات الحيوية وسلاسل الإمداد العالمية. فقد عبّرت الحكومة الألمانية عن “قلق بالغ” إزاء القيود التي فرضتها بكين على تصدير المعادن النادرة والمواد الإستراتيجية، في خطوة اعتبرت مؤشراً على اتساع نطاق التوترات الجيوسياسية.
وقد وسّعت الصين مؤخراً قائمة المعادن النادرة الخاضعة للقيود، مضيفة خمس فئات جديدة إلى القائمة التي كانت تضم 17 عنصراً، لتشمل حالياً جميع المعادن الثقيلة باستثناء خمسة فقط. وهذه المعادن تعد أساساً لتقنيات متقدمة تشمل المغناطيسات عالية الأداء، أشباه الموصلات، والأنظمة العسكرية الدقيقة.
تشير البيانات الجمركية التي جمعتها وكالة بلومبيرغ إلى أن كوريا الجنوبية، اليابان، الولايات المتحدة، ألمانيا وكندا من بين أكبر مستوردي هذه المواد، ما يجعلها محوراً للخلافات التجارية العالمية.
القلق الأوروبي
وأكدت الحكومة الألمانية أن القيود الجديدة “مصدر قلق كبير” لأنها تهدد الإمدادات الصناعية في قطاعات تعتمد بشكل كبير على هذه المواد، مثل الإلكترونيات، السيارات، والطاقة المتجددة. وأضافت برلين أن احتكار الصين شبه الكامل لإنتاج المعادن الثقيلة يمنحها “نفوذاً مفرطاً في الأسواق”، محذرة من أن هذه الخطوة قد “تخلق موجات صدمة جديدة عبر الصناعة الأوروبية”.
تحركات استراتيجية مدروسة
وقال جوليان إيفانز-بريتشارد، رئيس قسم الاقتصاد الصيني في شركة كابيتال إيكونوميكس، لبلومبيرغ: “النهج المتشدد من جانب بكين ينطوي على مخاطرة كبيرة وقد يعقّد المحادثات مع أميركا، حتى لو كانت نتائجه مثمرة على المدى الطويل”. وأضاف أن توقيت القيود قد يبدو “انتهازياً، لكنه يخدم أهدافاً جيوسياسية متوسطة الأجل تحافظ على تفوق الصين في المجالات الإستراتيجية”.
وتأتي هذه الإجراءات قبيل القمة المرتقبة بين الرئيسين شي جين بينغ ودونالد ترامب على هامش منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (APEC) في كوريا الجنوبية، حيث يكدّس الطرفان “أوراق ضغط متبادلة” استعداداً للمفاوضات، بينما ينتهي وقف إطلاق النار الجمركي بين البلدين في 10 نوفمبر ما لم يتم تمديده.
الزراعة والتجارة بين فكي الأزمة
كما أوقفت الصين مؤخراً مشترياتها من فول الصويا الأميركي، مما يزيد الضغوط على المزارعين الأميركيين، وهم قاعدة انتخابية مهمة للرئيس ترامب. في المقابل، لوّح ترامب باتخاذ إجراءات مضادة تشمل “تقييد بيع بعض المنتجات للصين”، مؤكداً: “نستورد منهم كميات هائلة، وربما علينا التوقف عن ذلك”.
تأثيرات متشعبة على الصناعات العالمية
توضح بلومبيرغ أن التأخيرات السابقة في إصدار تراخيص تصدير المعادن النادرة تسببت هذا العام في “مشكلات كبيرة لشركات أوروبية وآسيوية”، وأن توسيع القيود الحالية قد يزيد العبء البيروقراطي ويهدد خطوط الإنتاج مجدداً. كما يشير خبراء إلى أن أي خطوة تقييدية من الصين تشبه “زلزالاً صناعياً عالمياً” بسبب هيمنة بكين على سلاسل التوريد.
وتختتم بلومبيرغ تحليلها بالتحذير من أن “مسار التراجع من حافة الهاوية بين واشنطن وبكين أصبح أكثر خطورة”، مؤكدة أن استمرار الإجراءات الانتقامية قد يجر الاقتصاد العالمي إلى اضطرابات جديدة في قطاعات التكنولوجيا والطاقة والدفاع.









