صحة

أهمية الكشف المبكر عن السرطان: كيف ينقذ حياتك ويزيد فرص الشفاء

رغم التقدم الكبير الذي شهده علاج السرطان وحقق شفاءً للعديد من المرضى، يبقى السرطان عبئًا ثقيلًا على المرضى وذويهم، ويمتد تأثيره النفسي والمادي ليشمل الكبار والصغار على حد سواء، خصوصًا أولئك الذين فقدوا أحبائهم بسبب هذا المرض.

لكن اكتشاف السرطان لا يمثل النهاية، بل غالبًا البداية التي تمنح المريض فرصة للنجاة من هذا “الوحش” المخفي داخل جسده، الذي ينهش الصحة كلما تأخر التشخيص.

يتيح الكشف المبكر عن السرطان للأطباء التعرف على الورم وهو صغير ومحصور، قبل ظهور أي أعراض ملحوظة، مما يجعل خيارات العلاج أسهل وأكثر فعالية. ففي بعض الحالات، يمكن علاج المرض عن طريق جراحة بسيطة أو علاج موجه لفترة قصيرة، دون الحاجة للجوء إلى علاجات أكثر تعقيدًا.

ما هو الكشف المبكر عن السرطان؟ وأهميته؟ ومن يجب أن يخضع له ومتى؟

يعتمد الكشف المبكر على استراتيجيتين رئيسيتين: التشخيص المبكر والفحوصات الدورية.

التشخيص المبكر

يتحقق التشخيص المبكر عندما يولي المريض اهتمامًا لأي أعراض مستمرة غير مبررة، مثل:

  • ظهور كتلة صلبة تنمو مع الوقت حتى وإن لم تكن مؤلمة.
  • نزيف غير مبرر، مثل وجود دم في البول أو البراز، أو نزيف بعد انقطاع الطمث عند النساء.
  • صعوبة مستمرة في البلع، أو إمساك وإسهال دون سبب معروف لفترات طويلة.
  • تغييرات في الجلد أو حجم/لون الشامات.
  • فقدان الوزن السريع دون اتباع حمية أو ممارسة نشاط بدني مكثف.

هذه المؤشرات، وإن بدت بسيطة، قد تكون إشارة تحذيرية لوجود ورم خبيث يتطلب مراجعة الطبيب فورًا.

الفحوصات الدورية

تعد الفحوصات الدورية حجر الزاوية للكشف المبكر، وتشمل فحوصًا منتظمة للأشخاص الأصحاء الذين لا يشعرون بأي أعراض، بهدف التعرف على أي تغيرات غير طبيعية في مراحلها الأولى.

السرطانات التي يمكن اكتشافها مبكرًا

1. سرطان الثدي

يسهل اكتشاف سرطان الثدي مبكرًا عبر تصوير الثدي بالأشعة (الماموغرام)، الذي يقلل خطر الوفاة بنسبة تصل إلى 40%. وينصح بالجدول التالي:

  • النساء من 40 إلى 44 سنة: البدء بالتصوير سنويًا.
  • النساء من 45 إلى 54 سنة: تصوير سنوي.
  • النساء فوق 55 سنة: إمكانية التحول إلى تصوير كل سنتين أو الاستمرار سنويًا حسب الصحة العامة.

يساعد الكشف المبكر على البدء بالعلاج في الوقت المناسب، ما يزيد فرص الشفاء ويتيح خيارات علاجية أقل تعقيدًا.

2. سرطان عنق الرحم

ينشأ هذا الورم في منطقة عنق الرحم، ويعد ثالث أكثر السرطانات شيوعًا بين النساء عالميًا، ويرتبط غالبًا بفيروس الورم الحليمي البشري.

  • توصي منظمة الصحة العالمية بفحص النساء كل 5–10 سنوات ابتداء من عمر 30 سنة.
  • النساء المصابات بفيروس نقص المناعة: كل 3 سنوات ابتداء من 25 سنة.
  • إجراء اختبار فيروس الورم الحليمي مرتين خلال الحياة: عند 35 و45 سنة.

3. سرطان القولون والمستقيم

يجب أن يبدأ الفحص بعد عمر 45 عامًا، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة، ويستمر بانتظام.

  • بعض الأشخاص يحتاجون للفحص قبل سن 45 إذا كانوا يعانون من أمراض الأمعاء الالتهابية أو لديهم تاريخ عائلي بالإصابة.
  • يمكن الكشف مبكرًا عبر فحص البراز أو التنظير، الذي لا يقتصر على التشخيص فقط، بل يمنع تطور السرطان بإزالة السلائل قبل تحولها للورم.

4. سرطان الرئة

غالبًا لا تظهر أعراض سرطان الرئة إلا في مرحلة متقدمة، وقد تُخلط مع مشاكل أخرى كآثار التدخين أو العدوى، مما يؤخر التشخيص.

  • يمكن الكشف المبكر بالأشعة المقطعية، خصوصًا للمدخنين الشرهين (علبة يوميًا لمدة 20 عامًا أو أكثر) بين 50 و80 سنة.
  • ينصح بإجراء الفحص سنويًا، إذ يقلل خطر الوفاة بنسبة تصل إلى 20%.
  • تبقى أفضل وسيلة للوقاية الإقلاع عن التدخين بالكامل.

يجب أن يتذكر المرضى أن الفحوص مجرد أداة مساعدة وليست تشخيصًا نهائيًا. في حال ظهور أي نتيجة غير طبيعية، يلزم إجراء فحوص تأكيدية إضافية بالتشاور مع الطبيب، وفق العمر والحالة الصحية والتاريخ العائلي.

زر الذهاب إلى الأعلى