أكبر مصادرة رقمية في التاريخ.. الولايات المتحدة وبريطانيا تضبطان 14 مليار دولار من “البيتكوين” وتتهمان رجل أعمال صيني بالاحتيال

في عملية دولية غير مسبوقة، أعلنت السلطات الأميركية والبريطانية مصادرة عملات رقمية بقيمة 14 مليار دولار من “البيتكوين”، وتوجيه اتهامات رسمية إلى رجل الأعمال الصيني الكمبودي تشن تشي، مؤسس مجموعة “برينس غروب”، بتزعم شبكة احتيال رقمية عابرة للحدود.
ووفق تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، وصفت وزارة العدل الأميركية العملية بأنها أكبر مصادرة للعملة الرقمية في التاريخ، بعد التحفظ على نحو 127 ألفًا و271 وحدة بيتكوين كانت تُدار ضمن ما سمّته الوزارة “إمبراطورية احتيال إلكتروني واسعة” يقودها تشن من مقره في كمبوديا.
شبكة احتيال بحجم صناعي
وذكرت بي بي سي أن مجموعة “برينس غروب” أنشأت عشر مجمعات احتيالية في كمبوديا، جرى من خلالها تجنيد ضحايا من مختلف دول العالم عبر الإنترنت، بإغراءات استثمارية وهمية.
وأظهرت وثائق المحكمة أن هذه المراكز كانت مجهّزة بما يُعرف بـ”مزارع الهواتف”، وهي قاعات ضخمة تضم مئات الأجهزة المرتبطة بآلاف الحسابات المزيفة على شبكات التواصل الاجتماعي.
وبيّنت الوثائق أن اثنين من تلك المجمعات احتويا على أكثر من 1250 هاتفًا يدير نحو 76 ألف حساب وهمي، مع تعليمات تفصيلية للعاملين حول كيفية استدراج الضحايا، تضمنت توصيات مثل “تجنّب استخدام صور نساء جميلات للغاية حتى تبدو الحسابات أكثر واقعية”.
وقال مساعد المدعي العام الأميركي جون آيزنبرغ إن المجموعة “بُنيت على معاناة البشر”، مؤكدًا أن التحقيقات أثبتت تورطها في الاتجار بالبشر واحتجاز العمال قسرًا داخل منشآت مغلقة لإجبارهم على تنفيذ عمليات الاحتيال.
شبكة مالية تمتد إلى لندن
وشاركت وزارة الخزانة البريطانية في العملية الأمنية، حيث تم تجميد أصول مرتبطة بتشن وشركائه في لندن، شملت 19 عقارًا، من بينها مبنى إداري بقيمة 100 مليون جنيه إسترليني وقصر فاخر في شمال العاصمة.
وقالت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر إن المتورطين “كانوا يدمرون حياة الأبرياء، ويشترون العقارات في لندن لإخفاء أموالهم غير المشروعة”، مشددة على أن لندن وواشنطن تتحركان “بشكل منسق لمواجهة التهديد المتصاعد لشبكات الجريمة المالية العابرة للحدود”.
ثروات فاخرة واتهامات ثقيلة
وذكرت بي بي سي أن تشن وأعوانه استخدموا عائدات الاحتيال لشراء لوحات فنية نادرة وطائرات خاصة ورحلات فاخرة، من بينها لوحة شهيرة للرسام الإسباني بابلو بيكاسو تم شراؤها من دار مزادات في نيويورك. كما أنشأوا شركات وهمية في جزر العذراء البريطانية لاستثمار الأموال في العقارات الأوروبية وإخفاء مساراتها المالية.
وفرضت السلطات الأميركية والبريطانية عقوبات على أربع شركات تابعة للشبكة، هي: برينس غروب، جين بي غروب، غولدن فورتشن ريزورتس وورلد، وبايكس إكستشينج، بعد أن ذكرتها منظمة العفو الدولية ضمن الكيانات المتورطة في العمالة القسرية.
ولا يزال تشن متوارياً عن الأنظار حتى الآن، فيما يواجه في حال إدانته عقوبة السجن حتى 40 عامًا بتهم تتعلق بالاحتيال وغسل الأموال والاتجار بالبشر.
واختتمت وزارة العدل الأميركية بيانها بالقول إن هذه العملية “توجّه رسالة واضحة إلى مجرمي الفضاء الرقمي، مفادها أن الإفلات من العقاب لم يعد ممكنًا، مهما بلغت تعقيدات الجريمة أو امتدت حدودها الجغرافية”.









