أساطير يتحدّون الزمن: ميسي وليبرون وديوكوفيتش يواصلون العطاء رغم التقدّم في العمر

على عكس الغالبية العظمى من الرياضيين الذين يختارون الاعتزال باكرًا، واصل عدد من نجوم الرياضة العالميين مسيرتهم الاستثنائية متحدّين عامل الزمن والتقدّم في السن، محافظين على أدائهم المذهل في الملاعب. صحيفة “ماركا” الإسبانية سلّطت الضوء على ثلاثة من أبرز هؤلاء النجوم: ليونيل ميسي في كرة القدم، وليبرون جيمس في كرة السلة، ونوفاك ديوكوفيتش في التنس، والذين يشتركون جميعًا في فلسفة واحدة تقوم على المرونة الذهنية والبدنية والتكيّف المستمر مع متغيرات العمر والمنافسة.
ميسي.. السحر لا يشيخ
في عامه الثامن والثلاثين، لا يزال ليونيل ميسي يبهر عشّاق كرة القدم بأدائه الراقي رفقة نادي إنتر ميامي الأميركي، حيث قاد الفريق لتحقيق بطولتين خلال موسمين فقط، ليقرر تجديد عقده حتى نهاية موسم 2028، حين يبلغ عامه الحادي والأربعين.
وفي حديثه بعد التجديد، كشف قائد المنتخب الأرجنتيني عن سر استمراره قائلاً:
“لطالما قلت إن قراري بمواصلة اللعب يعتمد على حالتي البدنية والذهنية اليومية. والحقيقة أنني شعرت هذا العام بسعادة كبيرة وبجاهزية بدنية ممتازة”.
وأكد ميسي أنه يطمح للمشاركة في كأس العالم 2026 والدفاع عن اللقب الذي توّج به في قطر 2022، لكنه ربط ذلك بمدى جاهزيته الذهنية والبدنية في حينه. وأضاف موضحًا:
“مع التقدم في السن، يفقد اللاعب بعض الميزات مثل السرعة وردة الفعل، لذلك أتعامل مع اللعبة بذكاء أكثر وأحاول توظيف خبرتي في اتخاذ القرارات بسرعة والتكيّف مع الإيقاع الجديد”.
تلك المرونة الذهنية والقدرة على تطوير أسلوب اللعب هي ما جعلت ميسي يواصل تألقه رغم مرور السنوات، وهي السمة نفسها التي تجمعه بالنجم الأميركي ليبرون جيمس.
ليبرون جيمس.. العقلية الحديدية
في سنّ الأربعين، يواصل ليبرون جيمس كتابة التاريخ في الدوري الأميركي للمحترفين NBA، بخوضه موسمه الثالث والعشرين مع لوس أنجلوس ليكرز، رغم معاناته من إصابة في عرق النسا.
وبإصرار لافت، يقول “الملك” ليبرون:
“مهما كانت الكدمات أو الإرهاق، وظيفتي هي أن أبذل قصارى جهدي وأواصل الأداء بأعلى مستوى ممكن”.
ذلك الإصرار جعل منه نموذجًا في الاستمرارية والانضباط الذاتي. فليبرون لا يكتفي بالمحافظة على لياقته البدنية، بل يتعامل مع جسده كـ”آلة دقيقة” تحتاج إلى صيانة يومية ورعاية دائمة، وهو ما مكّنه من الحفاظ على مستواه المذهل لأكثر من عقدين من الزمن.
ديوكوفيتش.. سيّد المرونة الذهنية والبدنية
أما في عالم التنس، فما يزال نوفاك ديوكوفيتش في سنّ الثامنة والثلاثين ينافس على أعلى المستويات، بعد 22 عامًا من الاحتراف في ملاعب الكرة الصفراء.
ويُعرف النجم الصربي بانضباطه الشديد في النظام الغذائي والتدريبي، واضعًا صحته في مقدّمة أولوياته، وهو ما مكّنه من تحطيم معظم الأرقام القياسية في اللعبة.
يقول ديوكوفيتش في أحدث تصريحاته:
“ما زلت أملك الرغبة في المنافسة، وأعمل لأرى إن كنت أستطيع الفوز ببطولة كبرى أخرى. الجسد هو من يقرر، لكن ذهنيًا لا حدود لي”.
هذه الفلسفة القائمة على التوازن بين الجسد والعقل هي التي جعلت من ديوكوفيتش رمزًا للثبات والتفوّق عبر السنين، ومثالًا يحتذى به في عالم الرياضة الاحترافية.
سرّ الخلود الرياضي
ما يجمع ميسي وليبرون جيمس وديوكوفيتش ليس فقط النجومية أو الألقاب، بل رؤية موحّدة لجوهر النجاح المستمر: القدرة على التكيّف، والانضباط العقلي، والمرونة الجسدية.
فكلٌّ منهم يدرك أن العمر ليس سوى رقمٍ ما دام الجسد قادرًا على العطاء والعقل متقدًا بالشغف، وأنّ الاستمرار في القمة لا يأتي من القوة الجسدية وحدها، بل من الإرادة والعقلية التي لا تعرف الاستسلام.
بهذه الروح، يثبت الثلاثي أن الزمن لا يهزم الأساطير، بل يزيدهم صلابة ونضجًا، ليظلّوا مصدر إلهامٍ لكل من يرى في الرياضة أكثر من مجرّد منافسة، بل رحلة إنسانية عنوانها الإصرار والخلود في ذاكرة التاريخ.









