آبل تدخل عالم الروبوتات.. بين الحذر والطموح

في عالم يفيض بالإبداع والابتكار، تظهر أفكار طموحة قد تغيّر حياتنا جذرياً، لكن ليست كل فكرة ترى النور. فالكثير منها يُهمَل قبل أن يكتمل نضجها، إما لصعوبة التنفيذ، أو لنقص التمويل، أو بسبب توقيت غير مناسب. هذه القصة تتكرر باستمرار، خاصة في وادي السيليكون، حيث طُرحت مشاريع واعدة كان يُعتقد أنها ستُحدث ثورة، لكنها اختفت قبل أن تترك أثراً حقيقياً.
آبل.. تاريخ من الأفكار المؤجلة
شركة آبل، رغم سجلها الطويل في الابتكار، ليست بعيدة عن هذا السيناريو. فقد واجهت هي الأخرى تحديات عديدة في تحويل أفكارها إلى منتجات واقعية. مشروع السيارة الذاتية القيادة مثال بارز على ذلك. ومع ذلك، ما يميز آبل هو نهجها الحذر القائم على التجربة والتعلّم، الأمر الذي يضعها اليوم أمام اختبار جديد في مجال يبدو مختلفاً: الروبوتات.
شفافـية غير مألوفة
على غير عادتها التي تتسم بالسرية الشديدة، تتبنى آبل هذه المرة قدراً أكبر من الشفافية في تعاملها مع مشروع الروبوتات. فقد نشرت الشركة ورقة بحثية سلطت الضوء على التفاعلات بين البشر والروبوتات “غير البشرية”، مثل نموذج مصباح بتصميم يشبه أسلوب بيكسار. وبحسب المحلل الشهير مينغ تشي كو، قد يكون هذا دليلاً مبكراً على نية الشركة المضي قدماً في هذا المجال، مع توقعات متفائلة بالإنتاج الضخم بحلول عام 2028.
بين الإنسان الآلي والروبوتات البسيطة
تشير الأبحاث إلى أن آبل تستكشف نماذج متعددة، تبدأ من روبوتات بسيطة وصولاً إلى أنظمة أكثر تعقيداً تشبه الإنسان الآلي. غير أن تركيز الشركة يبدو منصبّاً على كيفية إدراك المستخدم للروبوت وطبيعة التفاعل معه، أكثر من التركيز على الشكل الخارجي. وهذا يعكس توجهاً نحو تطوير أجهزة وبرمجيات حسية متقدمة تجعل التفاعل أكثر طبيعية.
الروبوت كجزء من المنزل الذكي
من بين الأفكار المطروحة، تعمل آبل على تطوير ما يُعرف بـ”نظام إثبات المفهوم”، والذي قد يندرج ضمن إطار المنزل الذكي المستقبلي. السيناريوهات تتراوح بين روبوت منزلي يساعد في الأعمال اليومية، أو شاشة ذكية مزودة بذراع ميكانيكية تؤدي مهام محددة. الخيار الثاني يبدو أكثر واقعية على المدى القريب مقارنة بفكرة إنسان آلي كامل قادر على طي الملابس مثلاً.
التحديات والمنافسة
مجال الروبوتات المنزلية ليس جديداً، إذ تخوضه شركات كبرى مثل تسلا بروبوتها “أوبتيموس”، وشركات ناشئة مثل Figure و1X وApptronic. غير أن التحديات الأكبر تكمن في التسعير والموثوقية. فإذا كان سعر “فيجن برو” البالغ 3499 دولاراً أثار الجدل، فإن أسعار الروبوتات المنزلية الأولى ستكون بلا شك أعلى بكثير.
نهج آبل الحذر
بعد تعثر مشاريع مثل السيارة الذاتية و”آبل إنتلجنس”، يبدو أن الشركة تسير بخطوات مدروسة تجاه الروبوتات. ورغم سجلها القوي في تحسين الفئات القائمة، فإن السوق مليء بمحاولات فاشلة في مجال الروبوتات المنزلية. ومع ذلك، فإن دخول آبل هذا السباق يعكس إدراكها لحجم الفرص المستقبلية.
المستقبل.. فرص وتحديات
المستقبل القريب قد يشهد تحول الروبوتات إلى جزء أساسي من حياتنا اليومية، من المساعدة المنزلية إلى الرعاية الصحية. لكن ذلك يفتح الباب أيضاً أمام تساؤلات جوهرية:
- هل سنعتمد بشكل مفرط على الروبوتات في حياتنا؟
- كيف ستؤثر على تواصلنا الاجتماعي؟
- وما هي التحديات الأخلاقية المتعلقة بالخصوصية والاعتماد على الآلات؟
رغم أن الطريق ما زال في بداياته، فإن جميع الأنظار تتجه إلى آبل، التي قد تحدد نجاحها أو إخفاقها في هذا المجال شكل السوق التكنولوجي في العقد المقبل.