الأخبار العالمية

لسان حال غزة يقول: “من ازداد قربًا إلى كتاب الله، لن يُهزم”

لسان حال غزة: من زاده كتاب الله لن يهزم


في لحظة مؤثرة، رفع الفتى الفلسطيني يديه نحو السماء، يدعو الله بكل تضرع وتواضع قائلاً: “اللهم، اجعل ضربات المقاومين نحو إسرائيل ناجحة وضربات جيشها عديمة الجدوى.” كان هناك مئات من أقرانه الفلسطينيين، بعضهم أصبح شهداء، والبعض الآخر نجا بأعجوبة أو كانوا تحت الأنقاض.

في مقطع الفيديو الذي تم تداوله على منصات التواصل الاجتماعي، يمكن رؤية الفتى الكفيف وحوله العديد من الناس في مستشفى الشفاء وهم يرددون “آمين، يا الله” بكل ايمان واصرار.

ثم يتابع الفتى بكل إيمان وثقة، يدعو الله قائلاً: “اللهم، انصر غزتنا. اللهم، أسقط طائراتهم وشتت شملهم وفرق جمعهم.” هذه الكلمات تجلب السكينة والطمأنينة لقلوب الناس الذين كانوا في المستشفى المكتظ بالشهداء والجرحى والأشلاء.

تبين أن السكينة والصمود في قلوب سكان غزة يعودان إلى روح المقاومة والإيمان القوي بالله. إحدى الصور نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر امرأة فلسطينية نجت بأعجوبة من تحت أنقاض منزلها. على الرغم من المأساة والتدمير الذي شهدته، إلا أنها ما زالت تتمسك بالمصحف ولا تفارقه حتى عند وصولها إلى المستشفى، مما يعكس قوة الإيمان والإصرار.

وتكمل القصة بشجب الفلسطيني لذوي الشهداء قائلاً لأحد من فقد أحد أقربائه في غارة إسرائيلية: “لا تبكِ، أنت زلمة، اللهم تقبل الشهداء. كلنا مشاريع شهداء، هذه أرض رباط وجهاد وكلنا في سبيل الله، وهذه إرادة ربنا ونحن صابرون.” هذه الكلمات تظهر التضحية والاصرار الكبير للفلسطينيين على البقاء قويين ومتحدين في وجه التحديات والصعاب.

عند باب مستشفى الشفاء، يظهر الصورة المؤثرة للطفل محمد سليمان أبو دقة. جسده مغطى بالغبار، وهو يخرج من مأزق أصاب منزل عائلته جراء القصف. قبل أن يخطو قدمًا داخل المستشفى، انخرط في سجدة على الأرض معبرًا عن شكره لله على نجاته.

الصغير نصر الدين محمد أبو نعمة، يروي قصته ببساطة. كان يجلس مع والده يتلو القرآن في المنزل، لكن فجأة وبشكل غير متوقع تعرض منزلهما للقصف بواسطة صاروخ. تعرض هو ووالده للإصابة.

تلك الأحداث الصادمة والمأساوية التي تشهدها الأطفال في غزة جعلت الشهادة والإيمان مواضيع حاضرة بشكل ملحّ. يشعر الأطفال بأنهم هم المستهدفون الرئيسيين وأن الشهداء غالبًا من بينهم. لذا، بات ضروريًا للأطفال أن يتعلموا الشهادة. بالفعل، تجد الأمهات نفسهن يعلمن أبناءهن بأهمية القول: “أشهد أن لا إله إلا الله” مخافة أن يحدث شيء لأحدهم وهو لم يتلقى هذا التعليم.

وفي تفاصيل أخرى، تظهر فتاة غزية تُدعى “هيا” تجهز وصيتها. قسمت ممتلكاتها بين أفراد أسرتها، حيث أعطت أموالها المنقولة لوالدتها وأشقائها وجدتها، بينما قامت بتوزيع لعبها وثيابها على صديقاتها وبنات عمتها. نقطة مهمة أخرى في وصيتها كانت أحذيتها، التي طلبت التبرع بها للفقراء والمحتاجين بعد غسلها بالطبع.

بتسليمه لقضاء الله وقدره، استقبل أحد الأطباء أخبار استشهاد ابنه يوسف البالغ من العمر 7 سنوات. وعندما قدمت والدته وصفًا له، قالت: “ابني يوسف كان شعره كرلي، وبشرته بيضاء، وجماله لا يُضاهى”. بعد رحلة صعبة من المستشفى إلى مستشفى آخر وبحث دقيق بين غرفتي العناية المركزة بحثًا عنه، وجد والده ابنه شهيدًا. لكنه رفع رأسه بفخر وأول ما قاله كان: “الحمد لله”.

في جانب آخر من المستشفى، رأينا أبًا يحتضن أكياسًا بلاستيكية تحتوي على أشلاء أطفاله الشهداء. كان يركض بهم بينما كان وجهه مغطى بالحزن وكان يصرخ: “يا ناس.. أولادي فقدوا حياتهم.”

ثم يأتي مشهد آخر، حيث يحكي أحد المسعفين كيف وجد صفحة من المصحف بحوزة أحد الشهداء الذي فارق الحياة بعد قصف مسجد السلام في غزة.

من بين شهداء الهجوم الوحشي الذي نفذته إسرائيل في غزة، كان هناك أطفال كانوا حافظين للقرآن. انتشر فيديو مؤثر للشهيد أنس السيد العقاد البالغ من العمر 14 عامًا، الذي فقد حياته برفقة والدته وإخوته الأربعة وعمته عندما قصفت إسرائيل منزلهم في خان يونس جنوب قطاع غزة.

فقام الفنان الرسام الفلسطيني بمشاركة مقطع فيديو على صفحته الرسمية في “فيسبوك”، يُظهر طفلًا يرتل ما تيسر له من “سورة البقرة” وهو جالس على أطلال منزله المدمر في غزة. قام الفنان بالتعليق على الفيديو بالقول: “هنا غزة.. قلوب أهلها تعلقت بالله وارتبطت بكتابه.”

ووفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة، بلغ عدد الأطفال الذين استشهدوا 1756 طفلاً من بين إجمالي عدد الشهداء الذين بلغ 4385 جراء الحرب الإسرائيلية على غزة منذ بداية شهر أكتوبر.

أكد مسؤول في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن الآثار النفسية للهجوم لا تقتصر على الوفيات والإصابات فحسب، بل تتضمن أيضًا تأثيرًا نفسيًا عميقًا على الأطفال وأسرهم نتيجة انقطاع الإمدادات والمعاناة من نقص الموارد الأساسية، خاصة مع حظر دخول المساعدات إلى غزة وقطع التيار الكهربائي وتزايد صعوبة الوصول إلى المياه النظيفة.

هذا إلى جانب تفاقم خطر الإصابة بالأمراض نتيجة لتضرر شبكات المياه والصرف الصحي.

زر الذهاب إلى الأعلى