فرط نشاط المثانة.. اضطراب شائع يؤثر على نمط الحياة

يشكل الشعور المتكرر والملحّ بالحاجة إلى التبول تحدياً يومياً قد يؤثر على جميع جوانب الحياة، من أداء المهام اليومية، والتواصل الاجتماعي، إلى النوم وممارسة الرياضة. ويعاني ملايين الأشخاص حول العالم من حالة طبية تُعرف باسم فرط نشاط المثانة (Overactive Bladder)، والتي تتجلى في شعور مفاجئ وقوي بالرغبة في التبول، حتى عند عدم امتلاء المثانة.
ورغم أن فرط نشاط المثانة يختلف عن سلس البول، الذي يتمثل في التبول اللاإرادي وتسرب البول، إلا أن كليهما يسبب إزعاجاً وإحراجاً للمصاب.
توضح الدكتورة سوشما سريكريشنا، استشارية أمراض النساء والمسالك البولية والتوليد في مستشفى جسر لندن بالمملكة المتحدة، في حديث لصحيفة التلغراف البريطانية، أن ما بين 40% و50% من النساء يعانين من هذه الحالة في مرحلة عمرية معينة. ولا يقتصر الأمر على النساء فقط، إذ يعاني رجل من بين كل ثلاثة فوق سن الخمسين من أعراض تضخم البروستاتا، وأبرزها التبول المتكرر.
وتشير بيانات عيادة كليفلاند إلى أن تضخم البروستاتا يجعل المثانة تمتلئ بسرعة، ويصعب إفراغها بالكامل، مما يؤدي إلى الشعور الدائم بالحاجة إلى التبول. كما أن التهابات المسالك البولية تعد من الأسباب الشائعة الأخرى لدى الرجال والنساء على حد سواء، وتسبب ألماً وإلحاحاً في التبول.
وفي حالة الرجال، قد يشير الشعور بالحرقان أو الألم أثناء التبول إلى تضخم البروستاتا أو التهابها، لا سيما لدى كبار السن.
ما هو المعدل الطبيعي للتبول؟
لا يوجد عدد محدد “طبيعي” للذهاب إلى الحمام، فالأهم هو ألا يؤثر هذا الأمر على جودة الحياة. تقول الدكتورة سريكريشنا:
“عادة ما تستوعب مثانة المرأة ما بين 400 و600 مل من السوائل، ويحدث التبول بفاصل زمني من 3 إلى 4 ساعات، بحسب كمية السوائل المشروبة”.
وتعزى زيادة عدد مرات التبول لدى النساء إلى تغيرات هرمونية، بينما يعاني الرجال عادة من مشكلات مرتبطة بالبروستاتا، أو نتيجة تناول مدرات البول لعلاج بعض الأمراض مثل ضغط الدم.
متى يجب زيارة الطبيب؟
توضح الدكتورة سريكريشنا أن الاستيقاظ ليلاً للتبول قبل سن الخمسين ليس شائعاً، بينما يصبح من الطبيعي الاستيقاظ مرة واحدة ليلاً بعد هذه السن، ويرتفع المعدل في الستينيات والسبعينيات، لدى الرجال والنساء.
لكن يُنصح بمراجعة الطبيب في الحالات التالية:
- استمرار الحاجة للتبول المتكرر دون سبب واضح (كشرب كميات كبيرة من السوائل أو الكافيين).
- تأثير المشكلة على النوم أو الأنشطة اليومية.
- وجود أعراض مقلقة مثل الألم أثناء التبول، الحمى، أو فقدان السيطرة على المثانة.
تقول الدكتورة:
“من الضروري استبعاد وجود التهابات في المسالك البولية أو مرض السكري. كما أن بعض الأمراض العصبية مثل باركنسون، أو الأدوية المدرة للبول، قد تكون ضمن الأسباب. وحتى في حال عدم وجود سبب واضح، يمكن علاج الأعراض.”
هل تؤثر الشيخوخة والحالة النفسية؟
مع التقدم في السن، تقل سعة المثانة وتزداد الحاجة إلى تناول أدوية تؤثر على عدد مرات التبول. كما أن انقطاع الطمث لدى النساء يؤدي إلى انخفاض هرمون الإستروجين، ما يضعف عضلات المثانة ومجرى البول، ويؤثر سلباً على التحكم في التبول.
من جهة أخرى، تؤثر العوامل النفسية، مثل القلق أو الخوف من عدم وجود مرحاض قريب، على الرغبة المفاجئة في التبول. تقول الدكتورة:
“كثير من مرضاي يخبرونني عن هذه الحالات. الدماغ يعتاد على نمط معين من الاستجابة، وهذا يمكن علاجه أيضاً.”
هل الإفراط في شرب الماء يزيد الحالة سوءاً؟
نعم، فشرب كميات زائدة من الماء يؤدي بالطبع إلى زيادة التبول. توضح الدكتورة سريكريشنا:
“يعتقد البعض أن شرب الماء طوال اليوم ضروري للصحة، لكن الكمية الموصى بها تتراوح بين لتر ونصف ولترين يومياً، ولا حاجة لحمل عبوة مياه كبيرة طوال الوقت.”
لكن تقليل كمية السوائل بشكل مفرط لا يحل المشكلة، بل يؤدي إلى جفاف الجسم، ويجعل البول أكثر تركيزاً ويزيد من الشعور بالانزعاج.
هل هناك أطعمة أو مشروبات تحفز التبول؟
نعم، تؤثر بعض الأطعمة والمشروبات على المثانة وتزيد من تهيّجها، مثل:
كيف يُعالج فرط نشاط المثانة؟
يتطلب التشخيص عادة فحوصات طبية متخصصة، منها تقييم ديناميكية البول الذي يساعد في قياس كفاءة الجهاز البولي السفلي، من خلال مراقبة المثانة أثناء امتلائها وتفريغها.
كما يُطلب من المريض تسجيل أنماط الشرب والأكل اليومية لتحديد المحفزات. وتشمل العلاجات:
- تغيير نمط الحياة: تقليل الكافيين، وتحديد أوقات شرب السوائل.
- إعادة تدريب المثانة: تأخير التبول تدريجياً لتقوية المثانة وزيادة الفاصل الزمني بين مرات التبول.
تقول الدكتورة سريكريشنا:
“في كثير من الحالات، يمكن تحقيق تحسن ملحوظ من خلال تغييرات بسيطة في العادات اليومية دون الحاجة إلى أدوية.”