الأخبار الوطنية

رد خبير استشاري على رأي قانوني حول أعضاء لجان الصفقات من سلطة تنظيم الصفقات العمومية

رد خبير استشاري على رأي قانوني حول أعضاء لجان الصفقات من سلطة تنظيم الصفقات العمومية

قد أطلعت على الرسالة الصادرة عن سلطة تنظيم الصفقات العمومية تحت الرقم 10-2024 والتي تاريخها 22 يناير 2024، والتي تتعلق بالتفسير القانوني للمادة 7 من المرسوم رقم 083-2022 الصادر في 8 يونيو 2022، والمتعلقة بإمكانية احتفاظ أعضاء لجنة ابرام الصفقات العمومية بوظائفهم الأصلية.

ووفقًا لما جاء في الرسالة المذكورة، فإن التفسير القانوني للمادة المذكورة قد اعتمد على رأي لجنة تسوية المنازعات بعد اجتماعها في 11 يناير 2024، وقد خلصت اللجنة إلى عدم وجود ما يمنع من الجمع بين وظيفة عضو لجنة ابرام الصفقات العمومية ووظيفة أخرى داخل نفس السلطة المتعاقدة، وذلك استنادًا إلى نصوص القوانين والتشريعات ذات الصلة.

ونظرًا لأهمية هذا الموضوع، والذي قد نتطرق إليه في المستقبل، فقد تلقت بعض القطاعات والمؤسسات العمومية استشارات مني كخبير استشاري مستقل، حيث قدمت رأيي بكل تجرد واستنادًا إلى القوانين والنصوص ذات الصلة، مع مراعاة المبادئ الأساسية للشفافية والحكم الرشيد في تطبيق القوانين المعمول بها في هذا الشأن.

يُشير رأيي إلى أنه لا يوجد عائق قانوني يمنع الجمع بين الوظيفتين المذكورتين، وذلك استنادًا إلى النصوص القانونية والتطبيقية، بالإضافة إلى الاعتبارات الإدارية والتنظيمية، وبناءً على الخبرة والممارسات الإدارية المعتمدة.

وبناءً على ذلك، يُعتبر تفسيري لهذا الموضوع مختلفًا عن التفسير الذي اعتمدته سلطة تنظيم الصفقات العمومية، حيث أنني لم أعتمد فقط على النصوص القانونية، بل أخذت بعين الاعتبار الجوانب الإدارية والتنظيمية ومقاصد الإصلاح المرجوة، مع الحرص على تطبيق مبادئ الشفافية والحكم الرشيد.

ونظرًا لاحتمالية تفاوت الآراء حول هذا الموضوع، فإنني أقدم بعض المسوغات والتوجيهات التي تساعد في فهم أبعاد المسألة والتعامل معها بشكل أكثر وضوحًا وفعالية، بما يضمن احترام المبادئ القانونية والإدارية وتحقيق الأهداف المرجوة من هذا الإصلاح.

1- يحمل عضو لجنة ابرام الصفقات العمومية رتبة مستشار في الإدارة المركزية، حيث تتماشى المكافآت التي يتلقاها مع ترتيبات الرواتب في المؤسسة الوصية. ويتوجب عليه تقديم إقرار بجميع ممتلكاته وأصوله إلى رئيس لجنة الشفافية المالية في الحياة العامة عند توليه وانتهاء مهامه. يشغل هذا الموظف موقعًا دائمًا لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد، مع تسمية وظيفية ضمن هيكل لجنة ابرام الصفقات العمومية.

من وجهة نظري، يجدر بالملاحظة أنه لا يمكن لهذا العضو الجمع بين مركزه في هيكل اللجنة ومهام أخرى تعود لمركز وظيفي آخر، حتى لو كانت في نفس السلطة المتعاقدة، لأن ذلك يتعارض مع مبادئ القانون الإداري، وبخاصة مبدأ وحدة القيادة والتبعية. يُشدد هذا المبدأ على ضرورة أن تكون الأوامر والتوجيهات موحدة ومن جهة واحدة لضمان تحديد المسؤوليات وتوحيد الجهود.

2- تعيين موظف كعضو في لجنة ابرام الصفقات العمومية من قبل السلطات العليا يجب أن يكون دون أي تحايل من جانب أي سلطة متعاقدة عبر إجراءات إدارية، حاليّة أو مستقبلية، تهدف إلى تعيين نفس الشخص في وظيفة أخرى. هذا التصرف يتعارض مع مبادئ العرف الإداري، وبخاصة مبدأ احترام السلطة الهرمية ومبدأ توحيد الإرادة والعمل العمومي.

من الجدير بالذكر أن القوانين تحدد بوضوح أنه لا يجوز لأعضاء لجنة ابرام الصفقات العمومية ممارسة أي أنشطة تجارية أو استشارية تتعارض مع مهامهم، باستثناء الوظائف التعليمية أو التدريبية. وينبغي أن تُفهم هذه الأحكام بشكل مطلق بمنع الأعضاء من مزاولة أي وظيفة أخرى، سواء داخل السلطة المتعاقدة أو خارجها، خاصة إذا كانوا يقومون بمهام تتعلق بمسؤوليات الشخص المسؤول عن الصفقات العمومية داخل السلطة المتعاقدة.

3- تسود حالياً بعض التحديات في مجال العدالة والانصاف بين موظفي المؤسسات العمومية، حيث يشهد العديد منها وجود عاملين غير مدمجين في العمل، بالرغم من استمرار دفع رواتبهم بانتظام، مما يفسر بعض الفصل بين المسؤوليات دون المساس بكتلة الأجور، ولو استدعى الأمر تدريبهم على مهارات معينة. من وجهة نظري، لا يُعتبر من العدل أو الانصاف توجيه كل الصلاحيات والوظائف والمزايا لمجموعة محددة من المسؤولين، خاصة فيما يتعلق بالوظائف الدائمة والحساسة مثل عضوية لجنة ابرام الصفقات العمومية التي تمتد لأربع سنوات قابلة للتجديد، ولو استدعى الأمر توظيف موظفين جدد.

من جهة أخرى، تواجه بعض المؤسسات العمومية صعوبات في مستوى الأداء وتنفيذ المشاريع والخطط العمل، وغالبًا ما يكون ذلك مرتبطًا بعدم فعالية لجان ابرام الصفقات العمومية وتعقيدات العمل بسبب وجود أشخاص يشغلون وظائف متعددة. لتحقيق فعالية لجنة ابرام الصفقات العمومية، يتطلب الأمر التخصص والتخصيص لجميع أعضائها، مع وضعهم في ظروف منصفة ومتجانسة، وهو ما يمكن أن يُحقق من خلال توحيد رتب الأعضاء بحسب قرار الوزير الأول رقم 811 بتاريخ 17 أغسطس 2022.

من المهم استكشاف هذه المسائل بشكل شامل، وعدم التركيز على جانب واحد فقط، حيث يمكن أن يكون لكل مسوغ تأثيره وأهميته في تطوير منظومة الصفقات العمومية والمؤسسات العمومية، مما يسهم في تعزيز حكم الشفافية والمساءلة والمساءلة في هذا المجال.

زر الذهاب إلى الأعلى