اقتصاد

بعد انتهاء مفاوضات إسطنبول.. تصعيد عسكري وأوروبي اقتصادي يعيد الأزمة الأوكرانية إلى نقطة البداية

لم يمضِ سوى أيام قليلة على انتهاء جولات المفاوضات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول، حتى بدت نتائجها تتلاشى سريعًا، مع تصعيد متبادل في الهجمات بين الطرفين، بالتزامن مع انطلاق المرحلة الثالثة من أكبر عملية لتبادل الأسرى منذ اندلاع الحرب.

وعلى الصعيد الاقتصادي، عاد الاتحاد الأوروبي مجددًا لزيادة الضغط على موسكو من خلال فرض حزمة جديدة من العقوبات، استهدفت بشكل رئيسي نحو 200 سفينة ضمن ما يُعرف بـ”أسطول الظل” الروسي المستخدم في نقل النفط، إضافة إلى شركات نفط روسية جديدة، في محاولة لتضييق الخناق على موارد الكرملين، بحسب مسؤولين غربيين.

تعد هذه الحزمة الأوسع منذ بداية الحرب في فبراير 2022، إذ شملت قيودًا على أكثر من 45 شركة وأفراد يدعمون الجيش الروسي، إلى جانب إدراج 31 كيانًا جديدًا ضمن قائمة حظر تصدير السلع ذات الاستخدام المزدوج.

في ظل هذه التطورات، يزداد الغموض حول مستقبل الحل السياسي بين موسكو وكييف، مع مؤشرات على تحوّل محتمل في الموقف الأميركي من داعم متشدد لأوكرانيا إلى وسيط بين الطرفين، رغم أن إدارة الرئيس السابق جو بايدن لم تخفف أو ترفع العقوبات المفروضة على روسيا.

ويتوقع أن تطالب أوكرانيا الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات أشد، خصوصًا بعد إعلان الرئيس ترامب عدم فرض قيود جديدة خشية أن تؤثر سلبًا على جهود وقف إطلاق النار، ما يجعل أوروبا الملاذ الوحيد كي تستمر في ممارسة الضغط الاقتصادي على الكرملين، رغم أن مراقبين روسًا يشككون في إمكانية استجابة الاتحاد الأوروبي لهذه المطالب.

يرى الباحث الاقتصادي فلاديمير أوليتشينكو أن مطالب أوكرانيا تتجاوز قدرة أوروبا على التنفيذ، مشيرًا إلى أن اقتراحات كييف بفرض عقوبات ثانوية تشمل مستوردي النفط الروسي من الهند والصين لن تُقابل بإجماع أوروبي بسبب تداعيات دبلوماسية واقتصادية محتملة.

ويضيف أن العقوبات الأوروبية والبريطانية الجديدة قد تُحدث تأثيرًا محدودًا على الاقتصاد الروسي، حيث ستسعى موسكو لتجاوزها ببدائل، لكن بعض القطاعات مثل صناعة الطيران قد تتعرض لضربة حقيقية إذا لم تتوفر بدائل محلية.

ويؤكد أن “أسطول الظل” الذي يضمن استمرار صادرات روسيا تحت العقوبات، لن يُصدم بشكل كلي، لكنه سيتأثر جزئيًا.

من جانبه، يشير المحلل أندريه زايتسيف إلى أن العقوبات الأوروبية الجديدة تهدف إلى دفع روسيا لوقف هجماتها عبر استهداف قطاعات حيوية، لكنه يؤكد أن رفع العقوبات لن يحدث حتى مع إحراز تقدم في المفاوضات، مستشهداً بحالات سابقة مثل الصين وإيران حيث استغرقت إزالة العقوبات وقتًا طويلًا أو أعيد فرضها مجددًا.

ويختتم زايتسيف بأن استمرار امتناع الولايات المتحدة عن فرض عقوبات جديدة منذ رحيل بايدن يُضعف من تأثير الحزمة الأوروبية، مما يجعلها “ضربة غير مؤلمة” بالنسبة لاقتصاد روسيا الكلي.

زر الذهاب إلى الأعلى