الضفة الغربية: تزايد التوترات جبهة ثالثة مرشحة للاشتعال في وجه الاحتلال
تزايد التوتر في الضفة الغربية المحتلة منذ بدء إسرائيل قصف قطاع غزة وتصاعد الصراع مع حزب الله على الحدود مع لبنان. هذا يشير إلى أن المنطقة المضطربة بالفعل قد تصبح جبهة ثالثة في إطار حرب أوسع نطاقًا ضد جيش الاحتلال.
وحتى اليوم الـ14 من النزاع، تشن إسرائيل حملة عسكرية في قطاع غزة مميتة أسفرت عن وفاة حوالي 4000 فلسطيني وتدمير مناطق سكنية بأكملها.
فيما تقوم كتائب عز الدين القسام وجماعات مقاومة فلسطينية أخرى بشن عملية “طوفان الأقصى” ضد الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وقد أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 1400 إسرائيلي وأسر عدد كبير منهم، وفقًا للإحصائيات الإسرائيلية.
مخاوف غربية
مع استعداد جيش الاحتلال للاقتحام في قطاع غزة، تشهد الضفة الغربية اقتحامات واعتقالات تقوم بها الشباب الفلسطيني، في حين تندلع اشتباكات بين إسرائيل وحزب الله على الحدود اللبنانية.
تتسبب هذه التطورات في قلق الدول الغربية المدعمة لإسرائيل، حيث يتنامى الخوف من اندلاع حرب بأبعاد أوسع، يمكن أن تصبح جنوب لبنان جبهة ثانية، والضفة الغربية جبهة ثالثة محتملة.
وحتى الآن، لقي أكثر من 70 فلسطينيا حتفهم في الاعتداءات التي نفذها الاحتلال في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، كما تم اعتقال أكثر من 800 شخص من قبل إسرائيل.
وقد أفاد مسؤولون فلسطينيون بأن القوات الإسرائيلية قامت بغزو وشنت ضربة جوية على مخيم للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية يوم الخميس الماضي، مما أسفر عن مقتل 12 شخصا، وأقرت إسرائيل بمقتل أحد أفراد شرطتها.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه يتأهب بشكل كبير ويستعد لصد هجمات محتملة، بما في ذلك هجمات يمكن أن تنفذها مسلحو حماس في الضفة الغربية. وصرح المتحدث العسكري الإسرائيلي جوناثان كونريكوس بأن حماس تسعى إلى “دفع إسرائيل نحو مواجهة في جبهتين أو حتى ثلاث جبهات”، مع وصفه لمستوى التهديد بأنه “مرتفع”.
شهية الكفاح المسلح
نُظمت احتجاجات في مدينة رام الله لمساندة حركة حماس، ورفع المشاركون شعارات تعكس إشباعا متزايدًا للنضال المسلح.
أدلى صلاح، وهو مشارك في التظاهرة ويبلغ من العمر 20 عامًا، بتصريح قائلاً: “الجميع يأتي إلى هنا لندافع عن غزة. أي شخص يمتلك حجرًا يستخدمه، ومن لديه سلاح يستخدمه ضد جنود الاحتلال. ينبغي للسلطة أن تسمح للناس بمواجهة الاحتلال. إنهم يجب أن يمنحونا الوسائل وسنرى ما سنفعله”.
موفق سحويل، وهو قيادي في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، أشار إلى أن “المواثيق الدولية والأنظمة الإنسانية تمنح الشعب الفلسطيني حق الدفاع عن نفسه باستخدام جميع وسائل القتال والإمكانيات ضد الاحتلال الإسرائيلي. حركة فتح وجميع الفصائل الفلسطينية تدعو إلى تفعيل النضال لمواجهة الاحتلال والتصدي لجرائمه”.
ومن ناحية أخرى، أعرب بعض الأشخاص عن استيائهم من الهجوم الإسرائيلي على غزة دون أن يكونوا على استعداد لحمل السلاح. وقال نزار المغربي، وهو مالك شركة هندسة معمارية: “أشعر بغضب شديد تجاه العنف الإسرائيلي ضد غزة، لكنني غير مستعد لحمل السلاح”.
صلاح الخواجة، الناشط في مجال مقاومة الاستيطان، أوضح أن “تصاعد المقاومة” في الضفة الغربية ناجم عن حملة الاعتقالات التي تنفذها القوات الإسرائيلية.
خليط معقد واتفاقيات مع الاحتلال
فيما تسيطر حماس على قطاع غزة المحاصر، تعتبر الوضع في الضفة الغربية تحديًا معقدًا حيث تمتزج المدن الموجودة على التلال مع المستوطنات الإسرائيلية ونقاط التفتيش العسكرية التي تقطع أواصر المجتمعات الفلسطينية.
وهناك تباين واضح في وجهات النظر بين مقر السلطة في رام الله والمناطق الفلسطينية المهمشة والفقيرة حيال جدوى “المقاومة”.
أحد العوامل الرئيسية التي تقيد أعمال المقاومة هي الاتفاقيات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس.
يُندد عباس بشدة بالهجوم الإسرائيلي على غزة، وفي الوقت نفسه تقوم قوات الأمن الفلسطينية التابعة له بقمع المظاهرات، ولم تصدر حركة فتح دعوات علنية للمقاومة المسلحة.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري إن “السلطة تقمع المسيرات بهدف منع تصاعد التوترات، لأنه إذا ازدادت المظاهرات التي تجمع آلاف الأشخاص، قد يصبح لديها قدرة على تحولها إلى مظاهرات بمئات الآلاف. الهدف الرئيسي للسلطة هو الحفاظ على الاستقرار”.
وأضاف أنه يوجد اليوم داخل السلطة منظومة تصبو إلى الحفاظ على مصالحها الشخصية. وأوضح أن إذا هزت قبضة عباس، فإن الوضع قد يتدهور.
من جهة أخرى، قال ليور أكرمان، الذي كان مسؤولًا سابقًا في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت)، إن هناك مخاوف من وقوع اضطرابات واسعة في الضفة الغربية “تنشأ قبل حتى نشوب حرب مع حماس”.
وأضاف أن حماس تعمل منذ سنوات على “تحفيز المتشددين في الضفة الغربية”، وأشار إلى أن الاحتلال ألقى القبض في الليلة الماضية على نحو 100 فلسطيني في الضفة الغربية، بينما في الأيام العادية يتم اعتقال الأشخاص الذين يشتبه في تورطهم في هجمات إرهابية فقط.
ازدراء إسرائيل يوحدهم
يشير محللون إلى أن إحدى مصادر قلق إسرائيل في الضفة الغربية تتعلق بالهجمات التي تنفذها مجموعة متنوعة من الفلسطينيين، الذين قد يكونون متنازعين فيما بينهم بشأن الانتماء، لكن يجمعهم الاستياء الشائع من الاحتلال.
أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة دعماً شعبياً كبيراً بين الفلسطينيين للفصائل المسلحة، وذلك قبل العدوان الحالي على غزة. وقد شهدت الضفة الغربية زيادة في حالات التصدي للاحتلال.
على جانب آخر، قامت إسرائيل بتكثيف عملياتها العسكرية والمداهمات في الضفة الغربية، وتعرضت لهجمات تنفذها فلسطينيون تستهدف المستوطنين الإسرائيليين.
وبحسب سجلات الأمم المتحدة، فإن عدد الفلسطينيين الذين استشهدوا في الضفة الغربية منذ بداية العام وحتى السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري تجاوز 220 شخصاً، في حين قتل على الأقل 29 إسرائيلياً.