اقتصاد

الحرب التدميرية في غزة: ارتفاع إيرادات شركات الأسلحة الأميركية والإسرائيلية يثير الانتباه

شركات الأسلحة تشكل جزءًا أساسيًا في سياق حروب الإبادة، حيث يتم تحقيق أرباح هائلة على حساب المأساة الإنسانية. في هذا السيناريو القاتم، حيث يفقد الآلاف حياتهم وتتضرر الممتلكات والبنية التحتية، تزدهر هذه الشركات من كل قنبلة تفجر وتدمر مأوى، ومع كل قذيفة تلقي بظلالها على حياة الأطفال وأمهاتهم.

في إطار النزاع الإسرائيلي في قطاع غزة، الذي بدأ في السابع من أكتوبر الماضي، يتم استخدام أنظمة أسلحة متقدمة وذكية، والعديد منها يتم إنتاجه بواسطة شركات أمريكية مُدرجة في مؤشر “ستاندرد آند بورز للفضاء والدفاع” على البورصة الأمريكية.

منذ بداية هذه المأساة في غزة، سجل المؤشر الأمريكي المذكور، الذي يختص بشركات الطيران والأمان، ارتفاعات بنسبة 5.88% خلال العشرة أيام الأولى للصراع.

وفي سياق متصل، أرسل جريج هايز، المدير التنفيذي لعملاق الصناعات العسكرية الأمريكي “آر تي إكس”، تقريرًا إلى المستثمرين بعد أيام من اندلاع الحرب في غزة، داعيًا إياهم إلى دعم المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل، مشيرًا إلى أن هذا الدعم سيفضي إلى إبرام اتفاقيات جديدة لتصدير تكنولوجيا الصواريخ.

وقد ارتفعت أسهم “آر تي إكس”، التي تُنتِج الرادارات والقذائف الموجهة وتشارك في مشروع “القبة الحديدية” الإسرائيلي، بنسبة 13.46% منذ بداية النزاع في غزة، حيث حصل هايز على مبلغ قدره 63 مليون دولار خلال العامين الأخيرين.

مديرون نافذون

ترددت تسريبات حول إشارات من جيسون آيكن، نائب رئيس شركة جنرال دينامكس، الموردة لإسرائيل بقذائف مدفعية، تشير إلى توقعه لصفقات كبيرة من جراء التطورات الجارية في الحرب الإسرائيلية. شهدت أسهم الشركة ارتفاعًا بنسبة 9.72% منذ بداية النزاع وحتى نهاية أكتوبر الماضي، وخاصة بعد إعلان إرسال نماذج تجريبية من مركباتها التكتيكية الخفيفة “فلاير 72” للاختبار الميداني في غزة.

يُذكر أن آيكن يتمتع بمكانة في إدارة “الدائرة المستديرة للأعمال”، التي تُعتبر واحدة من أبرز مجموعات الضغط التي أثرت تأثيرًا كبيرًا على السياسات الأميركية، محققة توجيهات سياسية واقتصادية ذات أهمية تاريخية.

شركة “لوكهيد مارتن”، وهي واحدة من أبرز شركات الأسلحة الأميركية، قامت بتزويد إسرائيل بطائرات “إف-16” و”إف-35″، فضلاً عن صواريخ هيلفير ومجموعة واسعة من الأسلحة والمعدات لعقود طويلة. سجلت أسهم الشركة ارتفاعًا بنسبة 10.65% منذ بداية الحرب وحتى 30 أكتوبر الماضي. يبلغ راتب المدير التنفيذي جيم تايكليت 66 مليون دولار خلال العامين الأخيرين، بالإضافة إلى حصص قيمتها 25 مليون دولار في الشركة.

تايكليت يشغل أيضًا منصب عضو في إدارة مركز أبحاث مجلس العلاقات الخارجية، الذي يُعتبر واحدًا من المراكز الأكثر تأثيرًا في اتخاذ القرارات السياسية والعسكرية في البيت الأبيض منذ بداية القرن العشرين.

شركة بلاك روك، وهي أكبر مؤسسة إدارة استثمارات في العالم، قد قامت بتوجيه استثمارات تزيد عن 13 مليار دولار في الشركات الثلاث المذكورة، بالإضافة إلى استثمارات بقيمة مليارات الدولارات في شركات أخرى تُصنع أسلحة محظورة دولياً، مثل الفوسفور الأبيض والقنابل العنقودية.

يدير مركز أبحاث الشركة، المسؤول عن إنتاج المعرفة والأبحاث الجيوسياسية لدعم الاستثمارات المستدامة، توماس دونيلون، الذي يعتبر زوجًا للمديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، كاثرين راسل.

الحرب تنعش شركات إسرائيلية

على الرغم من انخفاض مؤشر بورصة تل أبيب بنسبة 9% منذ بداية النزاع وحتى نهاية الشهر الماضي، فإن القطاع العسكري الإسرائيلي تجاوز التدهور الذي أثر على العديد من الشركات، وبلورت له بدلاً من ذلك فرصًا محفّزة.

كانت شركات الصناعات العسكرية الإسرائيلية قد حققت أرباحاً ملحوظة قبل اندلاع حرب غزة، حيث وصلت قيمة عقود التصدير الأمني الإسرائيلي في العام 2022 إلى 12.5 مليار دولار. وفقًا للإحصائيات الإسرائيلية، ارتفعت الصادرات الأمنية بنسبة 50% خلال ثلاث سنوات، مضيئة بذلك على دور محورين أساسيين. الأول هو الطلب المتزايد نتيجة للحروب الدائرة، خاصة في أوكرانيا حيث استنفدت أوروبا مخزونها من السلاح، ما أدى إلى تحفيز الصناعات الإسرائيلية التي أعيد تجديدها. أما الثاني، فهو التطبيع المتسارع مع الدول العربية، الذي فتح أفقًا جديدًا وهائلاً لحوالي 120 شركة أمنية إسرائيلية.

تمامًا كشركات الأسلحة الأميركية، تعكس المؤشرات البورصية في تل أبيب تأثير المواجهات العنيفة على الشركات العسكرية، حيث شهدت أسهم شركة “العين الثالثة” الإسرائيلية ارتفاعًا بنسبة 83.73% منذ بداية النزاع حتى نهاية الشهر الماضي، ووصلت قيمتها إلى 20 مليون دولار. في سياق مماثل، أعلنت الشركة عن صفقة بقيمة 4 ملايين دولار بعد أيام قليلة من بداية النزاع، لتوريد منظومة “ميدوزا” لاكتشاف الطائرات المسيرة بارتفاعات منخفضة.

وفيما يتعلق بشركات أخرى مثل “أيرودروم” و”ليوناردو دي آر إس” و”إف إم إس ميغون” و”أريت”، فقد شهدت هذه الشركات قفزات ملحوظة في قيم أسهمها، تتنوع بين 11.4% و202%، مما رفع قيمها السوقية بشكل ملحوظ.

وبالنسبة للشركات الرائدة مثل ريفائيل وإلبيت والصناعات الجوية، التي تحتل مكانة بين 35 شركة أسلحة على مستوى العالم، يعكس الارتفاع الطفيف في أسهمها الوضع الأصعب الذي قد تواجهه، خاصةً مع المخاطر المتزايدة بناءً على قيمها وأسعار أسهمها العالية قبل النزاع، مما يعزز التوجيهات الإعلامية نحو التطورات المستمرة في مؤشراتها خلال العام الأخير.

زر الذهاب إلى الأعلى