أسعار الشوكولاتة تقفز إلى مستويات قياسية وسط أزمة كاكاو عالمية
شهدت أسعار الشوكولاتة ارتفاعًا لافتًا في الآونة الأخيرة، انعكس على تكاليف مجموعة واسعة من المنتجات المحبوبة، من الحلوى اليومية إلى كعك الأعياد ومسحوق الكاكاو، في ظل أزمة غير مسبوقة في سوق الكاكاو.
فقد ارتفعت أسعار الكاكاو بنحو 300% خلال العام الماضي، ما أدى إلى زيادة ملحوظة في أسعار الشوكولاتة خلال العام 2024 مقارنة بالعام السابق. ووفقًا لتقديرات بنك “ويلز فارجو” الأميركي، فإن وتيرة الزيادة الحالية تجاوزت بخمسة أضعاف تلك التي سُجلت خلال موسم عيد الحب عام 2023.
على سبيل المثال، ارتفع سعر لوح شوكولاتة “ريسيز هارتس” الكبير بنسبة 13% في فبراير/شباط 2024 مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. أما في المملكة المتحدة، فشهدت بيضة الشوكولاتة البيضاء “تويكس” ارتفاعًا من 5 إلى 6 جنيهات إسترلينية (ما يعادل 6.63 إلى 7.96 دولارات)، مع تقليص وزنها من 316 غرامًا إلى 258 غرامًا، وهو ما يعادل قفزة بنسبة 47% في سعر الوحدة.
ورغم تراجع أسعار الكاكاو بنحو 20% منذ ذروتها في ديسمبر/كانون الأول 2024، فإن المستهلكين ما زالوا يواجهون أسعارًا مرتفعة لمنتجات الشوكولاتة.
الأسباب وراء الارتفاع الحاد في أسعار الكاكاو
بلغت أسعار عقود الكاكاو الآجلة في نيويورك ذروتها عند 12,565 دولارًا للطن في ديسمبر 2024، وهو رقم قياسي. ويُعزى هذا الارتفاع إلى سلسلة من العوامل، في مقدمتها الأحوال الجوية المتقلبة التي أثرت على كبار منتجي الكاكاو في غرب أفريقيا.
وتوضح المحللة أمبر ساوير من “مركز الطاقة والمناخ” أن “الشوكولاتة من أبرز المواد الغذائية التي تأثرت سلبًا بتقلبات الطقس الناتجة عن تغير المناخ”، مؤكدة أن هذه الظاهرة مرشحة للتفاقم مستقبلًا.
تسببت الأمطار الغزيرة خلال عام 2023 والجفاف الحاد في 2024 بتلف محاصيل واسعة في غانا وساحل العاج، اللتين تمثلان معًا حوالي ثلثي إنتاج الكاكاو العالمي. كما انخفض الإنتاج في نيجيريا وإندونيسيا، ثالث ورابع أكبر منتجين للكاكاو عالميًا.
عوامل إضافية تؤزم الوضع
إلى جانب المناخ، ساهمت قوانين بيئية صارمة تهدف إلى الحد من إزالة الغابات في تقييد قدرة المزارعين على توسيع رقعة مزارعهم، ما ساهم في تقليص المعروض.
كما فاقمت الأزمة عوامل مثل شيخوخة أشجار الكاكاو وقلة التجديد الزراعي، ما أدى إلى تراجع تدريجي في الإنتاجية، إضافة إلى تفشي فيروس “تورم حبوب الكاكاو” الذي تسبب بخسائر جسيمة في ساحل العاج.
وفي غانا، تحولت أعداد كبيرة من مزارعي الكاكاو إلى أنشطة تعدين الذهب غير القانونية، بحثًا عن أرباح أكبر، مما أدى إلى انكماش المعروض وزيادة الضغوط على السوق.
كيف استجابت شركات الشوكولاتة للأزمة؟
في ظل هذه التحديات، اتخذت كبرى شركات الشوكولاتة خطوات متعددة لمواجهة ارتفاع التكاليف، حيث لجأت بعض العلامات التجارية إلى رفع الأسعار، بينما عمدت أخرى إلى تقليص حجم المنتجات أو تقليل نسبة الكاكاو فيها.
على سبيل المثال، طرحت شركة “نستله” نكهة البندق ضمن مجموعة “أيرو” في الأسواق البريطانية، في حين تعاونت “كارغيل” مع “فوياج فودز” لإنتاج وتوزيع بدائل خالية من الكاكاو.
مستقبل السوق: إلى أين تتجه الأسعار؟
يتوقع خبراء أن تبقى أسعار الكاكاو متقلبة على المدى القريب، في ظل التوقعات بوجود فائض في الإنتاج خلال موسم 2024-2025. ومع ذلك، فإن مخاطر المناخ والتحديات الزراعية ما تزال حاضرة، وقد تؤثر على استقرار الإمدادات العالمية.
في المقابل، من المرجح أن تكتسب بدائل الشوكولاتة رواجًا متزايدًا، ما قد يؤدي إلى تحول تدريجي في أذواق المستهلكين خلال السنوات المقبلة.
خلاصة
ترتبط أزمة أسعار الشوكولاتة بعدة عوامل مترابطة، تشمل التغيرات المناخية، السياسات البيئية، الأمراض النباتية، والعوامل الاقتصادية مثل هجرة المزارعين نحو التعدين. وفي ظل استمرار الطلب المرتفع عالميًا، من المرجح أن يظل هذا القطاع في مواجهة اضطرابات وتقلبات في المستقبل المنظور.
