ثقافة

نزار قباني: الشاعر الذي لا يغيب عن قلب القاهرة

رغم غيابه وتراكم الآلام العربية، يبقى نزار قباني صوت الحرية والحب والعنفوان الذي يصدح من الخليج إلى المحيط. لقد شغل نزار قباني العرب بكلماته التي ملأت حياتهم حبًا وأملًا وغضبًا وألمًا، وبينما كان يُعد من كبار شعراء العرب، كان أيضًا رمزًا للوفاء؛ وفاء لعروبته ووطنه.

نزار قباني في مصر

يروي كتاب “نزار قباني في مصر” للكاتب الصحفي علي النويشي قصة سنوات المجد والشهرة التي عاشها نزار في القاهرة. وصل الشاعر السوري الراحل إلى مصر في عام 1945 وكان في الثانية والعشرين من عمره، ليبدأ رحلة شعرية وثقافية طويلة. لم يكن يعلم حينها أن مصر ستظل جزءًا من حياته حتى آخر لحظة، فهناك شهد انطلاقته الشعرية وبدأت معاركه الفكرية. وعندما غادر إلى أوروبا في منفاه الاختياري، ظلت مصر في قلبه كما بقي هو في قلبها.

في القاهرة، حيث دشن شاعريته وأطلق صوته العذب، أصدر العديد من دواوينه الشهيرة. وقد كانت تلك المدينة نقطة انطلاقه نحو الشهرة، إذ هناك تعلم كيف يتصالح مع نفسه ومع مجتمعه. كما أضاف إليها الكثير من بصماته في الشعر والفكر.

تُعد القاهرة “الحاضنة” التي شهدت نضوج نزار قباني ودفعت بشعره ليحلق في سماء الحضارة. وفي تلك المدينة، عمل ملحقًا في السفارة السورية، حيث انغمس في أجواء حرية الصحافة والحراك السياسي والاجتماعي الذي كانت تشهده مصر آنذاك. كانت القاهرة بالنسبة له أكثر من مجرد مدينة، فقد حملها في قلبه وحملته في كل سفره، ليظل يرتبط بها ارتباطًا غير قابل للانقطاع.

تحولات المدينة والقصيدة

تأثرت قصائد نزار قباني بشكل عميق من الحياة في القاهرة، إذ كانت المدينة بالنسبة له أكثر من مجرد مكان جغرافي. قال نزار إن القاهرة كانت تحمل دلالات رمزية وروحية كبيرة، فهناك عاش لحظات التحول الكبرى في حياته وفي تاريخ الأمة. وفي تلك المدينة، كتب أشهر قصائده مثل “هوامش على دفتر النكسة” التي جسدت آلامه إثر الهزيمة في حرب 1967.

كما شهدت القاهرة على العديد من مواقف نزار السياسية والشعرية، من ثورة الضباط الأحرار إلى العدوان الثلاثي، مرورًا بحرب الاستنزاف ورحيل عبد الناصر، لتظل تلك اللحظات تخلد في أشعار نزار التي أصبحت رمزًا للمعاناة والانتظار.

القاهرة في قلب نزار

رغم تنقلاته المستمرة بين القاهرة وبيروت ولندن، كانت القاهرة دائمًا في قلب نزار، ولم يفارقها حتى في أشد لحظات الحزن. ففي هذه المدينة عاش نزار حزن فقدان ابنه توفيق، وفيها اكتسبت قصائده طابعًا من الحزن العميق الذي يلازمه حتى بعد وفاته. ورغم كل الصعوبات التي مر بها، بقي نزار مرتبطًا بالقاهرة، حيث كان يقيم فيها مع أسرته في سنواته الأخيرة.

“نزار قباني: الشاعر الذي لا يغيب عن قلب القاهرة”كانت القاهرة بالنسبة له المكان الذي عاش فيه وكتب فيه أعظم أعماله. وحتى بعد أن اختار الرحيل إلى سويسرا ثم لندن، كانت القاهرة لا تزال جزءًا من وجدانه، فقصائده كانت تغنى على شفاه أبنائها، وكان هو دائمًا في قلبها وفي ذاكرة شعبها.

زر الذهاب إلى الأعلى