
.ظل العيد يشكل عامل فرح يستوي فيه الكبير والصغير وسيبقى العيد كذالك على مر الأزمان مهما كانت التحديات ،فلابد من ساعات يقتطعها المرء لنفسه يعيش فيها سعادة العيد ويتذوق أثناءها حلاوة اللحظة الزمنية المعاشة .
مهما كان الجو العام الذي يتنزل العيد فيه سيبقى العيد عيدا بما يحمل من معاني سامية تتطلب من الإنسان أن يشعر بأخيه ويبحث عن مايرغب فيه أثناء العيد من سعادة ذاتية للفرد والعائلة التي تسبب الكثير من المشاكل نظرا للمصاريف الباهظة للعيد على الأقل في موريتانيا .
فالعيد في موريتانيا يتطلب ملابس عالية الجودة للعائلة التي يتباين أفرادها من أسرة لأخرى ،ومهما كان دخل الأب كبيرا أوصغيرا ،أوحتى عاطلا عن العمل عليه أن يشتري كبشا كبيرا للأضحية يوم العيد امتثالا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ،إضافة لذالك توجد تحديات أخرى عائلية لها صلة بالعيد وناتجة عن بعض العادات الراسخة في مجتمعنا ،منها ضرورة توفير مبلغا ماليا يتفاوت باختلاف ظروف الرجال يرسل للحماة لإشعارها بأن العلاقة مع ابنتها لاتزال حميمة وحارة ،وترد الحماة بإرسال شاة كبيرة لزوج البنت تقديرا لجهوده وتعامله المحترم مع الأصهار.
كان هذا بالأمس القريب هو السائد في المجتمع ،لكن تطورات الحياة المتسارعة والمعقدة قللت من ذالك ونوعت المكارمة بين الأصهار وزوج ابنتهم.
لكنها بالمقابل أصبحت تتطلب أشياء ضرورية لابد من توفرها ،مثلا تحتاج الأسرة كانت ناشئة إوغير ذالك لسكن لائق يكلف تشييده عشرات الملايين مما يجعل الرجال المسؤولين عن تحمل أعباء الأسرة يعجزون عن ذالك ويلجأون لحل مؤقت يتمثل في تأجير المنازل وبأسعار كبيرة ، خاصة في العاصمة وكبريات المدن .
بالأمس القريب كانت الأسرة تحتاج خيمة من الوبر أو من القماش تكفيها سكنا في البادية والقرية ،وهي تطمئن لذالك وترتاح له ،كما كان الرجل الموريتاني لايحتاج للتنقل سوى حمار أوثور أوجمل يضرب به في مضارب الأرض يحمل عليه أمتعته إلى وجهته كانت قريبة أوبعيدة فالجمل بطبيعته قادر على مواكبته في السفر .
ومع كل هذه المشاغل عرف أهل البدو فينا بانكبابهم على تحصيل العلم بشتى صنوفه وتضلعهم فيه حتى صارت البادية لدينا تمثل جامعة متنقلة ينضم إليها من يشاء التعلم واكتساب صنوف العلوم .
اليوم وقبل عشر سنوات بدأت الحياة تتغير في موريتانيا عندما دخل الذين كانوا في البادية إلى المدينة ليجدوا أنفسهم في معمعان معقد من الحياة المدنية ذات المظاهر الصعبة والتي تتطلب سرعة وفهما لمايجري في المدينة من تغير في السلوك وانتحال للصفات الشيء الذي طرح مشاكل أمنية خطيرة يصعب حلها حتى لدى المختصين في الميدان .
بالإضافة لذالك تبدو الحياة الدراسية في المدن معقدة ومكلفة، خاصة في المدارس غير العمومية التي أضحت منتشرة في العاصمة والكثير من المدن الداخلية ،ومع ذالك فإن التحصيل المعرفي والعلمي لدى تلك المدارس متواضعا للغاية إن لم يكن معدوما نتيجة لكثير من الأسباب أهمها غياب الرقابة الصارمة على القائمين بالعملية التعليمية في بلادنا وعدم الجدية في مؤسسة المؤسسات التعليمية المسؤولة عن تدريس وتحضير أجيال المستقبل .
ورغم ما ذكر في المقالة من تغير في الصورة النمطيةللعيد عند جيل الأمس وجيل اليوم يبقى العيد عيدا يجمع الأهل والأقارب ويشعر الكل فيه بجو من الراحة والطمأنينة رغم حجم التحديات المالية المصاحبة له .
لكن يجب التنويه بأن الإنسان نفسه بدأ يغير في إتحاهاته ومواقفه حيال الكثير من مظاهر الحياة المختلفة ،وبدل أن يؤثر فيها إيجابيا فإنه يتأثر بمايجري حوله وإن كان ليس مقنعا ومخالفا لقناعته بفعل عولمة لاترحم تركت بصماتها الخطيرة على الإنسان في عالمنا اليوم .
فهل يبقى الإنسان قويا يتمسك بمشاعره وعواطفه وشعوره الإجتماعي وانتمائه لحاضنته الإجتماعية أم تسيطر العولمة على إرادته وتسلبه عفويته وصدقه في توجهاته ؟